السلاسل العلميةسلسة الهداية في بيان حد الإسلام وحقيقة الإيمان بين التأصيل والتنزيل

الانقيادُ للهِ بالطّاعةِ: الدّرسُ السّادسُ: الجزءُ الثّالث

الجزءُ الثّالث: الطَّاعَةُ هِيَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ والدّخول في العملِ

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ….

نَقُولُ: أنَّ الطَّاعَةَ هِيَ اتِّبَاعُ الأَمْرِ اخْتِيَارًا وَعَدَمُ المُخَالَفَةِ لَهُ، فَالمُكَلَّفُ إِذَا مَضَى لِأَمْرِ المُشَرِّعِ ظَاهِرًا فَقَدْ أَطَاعَهُ، أَمَّا إِذَا وَافَقَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَقَدْ طَاوَعَهُ، فَثَمَّ فَرْقٌ بَيْنَ الطَّاعَةِ وَكَذَلِكَ المُطَاوَعَة، فَالطَّاعَةُ هِيَ فِعْلٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَمْرٍ، فَلَا تَكُونُ الطَّاعَةُ إِلَّا بَعْدَ الْأَمْرِ (يَعْنِي: الأَمْرُ مِنْ الْمُشَرِّعِ ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ الِامْتِثَالُ مِن الْمُكَلَّفِ)، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي المِصْبَاحِ الْمُنِيرِ: “وَلَا تَكُونُ الطَّاعَةُ إِلَّا عَنْ أَمْرٍ، كَمَا أَنَّ الْجَوَابَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ قَوْلٍ يُقَالُ: أَمَرَهُ فَأَطَاعَه، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ إِذَا مَضَى لِأَمْرِهِ فَقَدْ أَطَاعَهُ (يَعْنِي المُضيّ لِلْأَمْرِ وَالدُّخُولُ فِي الْعَمَلِ يُسَمَّى طَاعَةً) إِطَاعَةً وَإِذَا وَافَقَهُ فَقَدْ طَاوَعَهُ” المِصْبَاحُ الْمُنِيرُ، نَقُولُ أَنَّ الطَّاعَةَ لَاتَكُونُ إِلَّا بَعْدَ وُرُودِ الْأَمْرِ مِن الْمُشَرِّعِ وَامْتِثَالِ التَّكْلِيفِ مِنَ الْمُكَلَّفِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١٥)}التّوبة، يَقُولُ الْبَغَوِيّ مَعْنَاهُ: “ما كَانَ اللهُ لِيَحْكُمَ عَلَيْكُمْ بِالضَّلَالَةِ بِتَرْكِ الْأَوَامِرِ وَبِاسْتِغْفَارِكُمْ لِلْمُشْرِكِينَ {حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} يُرِيدُ حَتَّى يَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ بِالنَّهْيِ، فإذا بيّن وَلَمْ تَأْخُذُوا بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ الضّلال, وقال مُجَاهِدٌ: بَيَانُ اللهِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي تَرْكِ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً، وَبَيَانُهُ لَهُمْ فِي مَعْصِيَتِهِ وَطَاعَتِهِ عَامَّةً، فافعلوا وذروا” تفسيرُ البغويّ، فَفِي الآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الطَّاعَةَ هِيَ فِعْلٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ وُرُودِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ .
نُحَقِّقُ هُنَا مَسْأَلَةً وَهِيَ أَنَّ الإِتْيَانَ بِالْعَمَلِ والدخول فيه يُسَمَّى طَاعَةً، بِقطع النَّظَرِ عَن المُطَاوَعَةِ (الْمُوَافَقَة فِي البَاطِن)، كَمَا سَبَقَ مَعَنَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَارِسٍ، وَمَا سيأَتي معنا إن شاء اللهُ تَعَالَى فِي الْأَدِلَّةِ التِي نُورِدُهَا مِنْ كِتَابِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- . فَالْإِتْيَانُ بِالْعَمَلِ وَالدُّخُول فِيه كَذَلِكَ يُسَمَّى طَاعَةً، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَن الْمُطَاوَعَةِ وَالْمُوَافَقَةِ فِي الْبَاطِنِ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْلُهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَيَقُولُونَ ءامَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُم مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩)} النّور، يقول مقاتلُ بنُ حيّان قولُه: {وأطعنا} النّور، قَالَ: “أَقَرُّوا لِلهِ أَنْ يُطِيعُوهُ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ” تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مُذْعِنِينَ} مُسْرِعِينَ فِي طَلَبِ الطَّاعَةِ طَلَبًا لِحَقِّهِمْ لَا رِضًا بِحُكْمِ رَسُولِهِمْ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْإِذْعَانُ: الإِسْرَاعُ مَعَ الطَّاعةِ ” مَدَارِكُ التَّنْزِيلِ وَحَقَائِقُ التَّأْوِيلِ، والآيات وردتْ في المنافقينَ .
كذلك منها قولُه: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُل لَّا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٥٣)} النّور، يَقُولُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ فِي قَولِهِ {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ}: وَذَلِكَ فِي شَأْنِ الْجِهَادِ، أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لئِنْ أَمَرْتَهُمْ بِالْخُرُوجِ مَعَكَ إِلَى الْجِهَادِ لَيَخْرُجُنَّ مَعَكَ، وَفِي قَوْلِهِ: {لَا تُقْسِمُوا} قَالَ: يَأْمُرُهُمْ أَنْ لَايَحْلِفُوا عَلَى شَيْءٍ، وَفِي قَوْلِهِ: {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} قَالَ: أَمَرَهُمْ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقْسِمُوا” رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: “قَالَ اللهُ: {قُلْ لا تُقْسِمُوا} أَيْ: لا تَحْلِفُوا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْكَلامَ فَقَالَ: {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} خَيْرٌ. وَهَذَا إِضْمَارٌ، أَيْ: خَيْرٌ مِمَّا تُضْمِرُونَ مِنَ النِّفَاقِ {إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} وقال:{قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ” تَفْسِيرُ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ، وَقَالَ تعالى كذلك: {فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ (٢٠) وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ (٢١)} مُحَمَّد، قال مُجَاهِدٍ {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوف}: “أَمَرَ اللهُ بِذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ” تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ،
وَفِي مَجْمُوعِ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا نَقُولُ أَنَّ الطَّاعَةَ وإِنْ وَقَعَتْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَجِهَادِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ.. فَهِيَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَإِيجَاد العَمَلِ، وَالدُّخُولِ فِيهِ الَّذِي هُوَ فِي الآيَةِ الْأُولَى التَّحَاكُمُ (فِي آيَةِ النُّورِ) وَكَذَلِكَ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ آيَةُ مُحَمَّدٍ وَالَّتِي قَبْلَهَا إِنَّمَا هِيَ فِي الْجِهَادِ كَمَا وَرَدَ تَفْسِيرُ ذلك مِن السَّلَفِ، فَتَحَاكُمُهُمْ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ وَفِعْلٌ وَكَذَلِكَ جِهَادُهُمْ الَّذِي هُو كَذَلِكَ عَمَلٌ وَفِعْلٌ إِنَّمَا يَكُونُ بِامْتِثَالِهِمُ الْأَمْرَ فِي التَّحَاكُمِ وَالرُّجُوعِ وَرَدِّ النِّزَاعِ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَذَلِكَ فِي الْخُرُوجِ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْجِهَادِ وَالْقِتَالِ، يَكُونُ ذَلِكَ وَيَقَعُ مِن الْمُنَافِقِينَ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ وَلَا مُطَاوَعَةٍ وَسَمَّى الله -عَزَّ وَجَلَّ- فِعْلَهُم الَّذِي هُوَ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَالدُّخُولُ فِي الْعَمَلِ طَاعَةً قَالَ: {فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} سَمَّاهَا طَاعَةً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّاعَةَ تُطْلَقُ عَلَى مُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ، أَيِ إيجَاد الْأَمْرِ سَوَاء كَانَ مَعَ تَصْدِيقٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ، فَامتِثَالُ الْأَمْرِ وَالدُّخُول فِي الْعَمَلِ يُسَمَّى طَاعَةً، وَلَوْ وَقَعَ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ الَّذِينَ يُضْمِرُونَ الكُفْرَ وَكَرَاهِيَةَ الْعَمَلِ (كَرَاهِيَةَ تَكْذِيبٍ)، فَفِعْلُهُمْ يُسَمَّى طَاعَةً، لِأَنَّ الطَّاعَةَ تُطْلَقُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ لَا عَلَى الْمُوَافَقَةِ فِي الِاتِّبَاعِ، طبعا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِن الْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إِنَّمَا هَذَا يَكُونُ عَلَى مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْبَاطِنُ وَالظَّاهِرُ جَمِيعًا، فَيَكُونُ الْعَمَلُ خَالِصًا لِلهِ -عَزَّ وَجَلَّ- صَوَابًا فَذَلِكَ إن شاء الله تَعَالَى يَكُون عَمَلا نَافِعًا لِصَاحِبِهِ وَمَقْبُولًا مِنْهُ.
كَذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ قَوْلُهُ: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١٢٠)} النِّسَاء، يَقُولُ الْوَاحِدِيُّ: “يُرِيدُ مَنْ يُطِعْهُ فِيمَا يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ الضَّلَالِ (يَعْنِي الشَّيْطَانَ)، فكلُّ منْ أطاعهُ فهو وليٌّ له، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَنْ يتولّاه، كما يكونُ مطيعًا له وإنْ لم يقصِدْ أنْ يطيعَه بِمُوَافَقَتِهِ لِإِرَادَتِهِ، وَإِجَابَتِهِ إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ، فَهُوَ يَعْمَلُ عَمَلًا يُعِينُه عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَكَانَ الشّيْطَانُ لَهُ وَلِيًّا نَاصِرًا مُعَيَّنًا” التَّفْسِيرُ الْبَسِيط، وَمِن السُّنَّةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مارُوِي عن عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرضاهُ، عَنِ النَّبِيّ صَلَّى الله عَليْه وَسَلّمَ قَالَ: “السَّمْعُ وَالطّاعَةُ عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ” متّفق عليه، مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّاعَةَ تَكُونُ مَعَ عَدَمِ الْمُطَاوَعَةِ عَلَى الْفِعْلِ (أَي: الطَّاعَةُ هِيَ الِامْتِثَالُ الْمُجَرَّدُ وَلَوْ مَعَ كَرَاهِيَةِ الْعَمَلِ) كَمَا فِي قَوْلِهِ: {كُتِبَ عَلَيْكُم القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} فمَن امْتَثَلَ لِلْقِتَالِ وَخَرَجَ فَيُسَمَّى مُطِيعًا وَلَوْ كَانَ كَارِهًا لِلْخُرُوجِ مُسْتَثْقِلًا لَهُ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ شِرْكُ الطَّاعَةِ فِي الْعَمَلِ وَلَيْسَ فِي الِاعْتِقَادِ، إذا قُلْنَا أنَّ الطَّاعَةَ إِنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْعَمَلِ، فَالشِّركُ يَكُونُ فِي الْعَمَلِ وَلَيْسَ فِي الِاعْتِقَادِ، فَالِاعْتِقَادُ هُوَ كُفْرٌ وَشِرْكٌ مُسْتَقِلٌّ فَكُلُّ مَن اعْتَقَدَ الْكُفْرَ كَفَرَ، سَوَاءٌ عَمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ، قَالَ أَبُو الْحُسَينِ الْمَلْطِيّ: “وَمِن المرجئة صِنف زَعَمُوا أَنّ الإِيمَان معرفَةٌ بِالْقَلْبِ لَا فِعْلٌ بِاللِّسَانِ وَلَا عَمَلٌ بِالْبَدنِ، وَمن عَرَف الله بِقَلْبِه أَنه لَا شَيْء كمثله فَهُوَ مُؤمن وَإِن صلّى نَحْوَ الْمشرق أَو الْمغرب وربط فِي وسطه زُنَّارا، وَقَالُوا لَو أَوجَبْنَا عَلَيْهِ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ أَوْحَينَا عَلَيْهِ عمل الْبدَن، حَتَّى قَالَ بَعضهم الصَّلَاةُ من ضُعف الْإِيمَان، من صلَّى فقدْ ضَعف إيمَانُه، نقُول كَيفَ تَجُوز لَهُ الصَّلَاةُ نَحْو الْمشْرق وَقد قَالَ الله عز وَجل {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (١٤٤)} البقرة، وَكَيْفَ يَجُوزُ له رَبْطُ الزُّنَّارِ فِي وَسَطِهِ وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصّلاة السَّلَامُ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمُ) وَكَيفَ تَجُوزُ الْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ دُون الْقَوْلِ وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الطَّاعَةُ إِلَّا بِالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ” التَّنْبِيهُ وَالرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، انْتَهَى كَلَامُهُ -رَحِمَهُ اللهُ- تَعَالَى.

■ نَقِفُ عِنْدَ هَذَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
يتبع الجزء الرّابع إن شاء الله …🖋

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى