الفتاوىصلاة الجمعةفتاوى الصلاة

هل أصلي الجمعة ركعتين أم أربع ركعات إن لم أصلها في الجماعة؟

السؤال: هل أصلي الجمعة ركعتين أم أربع ركعات إن لم أصلها في الجماعة؟

الجواب: نقول أن صلاة الجمعة بصفتها الواردة في السنة لا تصح إلا في جماعة كما ورد في حديث قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: « الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ»، وفي الحديث دلالة أن الجمعة واجبة في الجماعة، فمن أوجبها بصورتها ـــــ أي ركعتين ــــ في غير الجماعة يحتاج إلى نص ولا نص، وبذلك يكون من لم يدرك الجمعة في جماعة ليس له أن يصلي الجمعة منفردا، والواجب عليه ما كان عليه العمل عند الصحابيات اللواتي لم يشهدن الصلاة كما سيأتي بيانه بحول الله وقوته، فالجمعة لا يمكن قضاؤها بصفتها لمن فاتته لأنها لا تصح إلا بشروطها، والتي منها الجماعة فتعين المصير إلى الظهر عند عدمها وهذا حال البدل.
ومما يدل على أن الركعتين هي فرض الجمعة فقط وهي لمن أدركها في الجماعة أو أدرك ركعة منها حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ»، قال الترمذي: “وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَغَيْرِهِمْ، قَالُوا: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الجُمُعة صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ”، وحكايته للخلاف هي في صورة من أدركهم جلوسا أما من لم يدرك شيئا من الجمعة فلم يُحكى فيها خلاف بين الصحابة بل حكى ابن المنذر الإجماع في هذه الصورة التي هي محل نزاع مع النظامية اليوم.

وفي الباب عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا أَدْرَكْتَ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَصَلِّ إِلَيْهَا رَكْعَةً، وَإِذَا فَاتَتْكَ الرَّكْعَةُ الْآخِرَةُ فَصَلِّ الظُّهْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ»، وهذا الحديث مع ضعفه عليه العمل في عهد النبي ﷺ كما أشار إلى ذلك الترمذي وما ورد من عمل الصحابيات في عهد رسول اللهﷺ، كما روي عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جَدَّتِهِ، قَالَتْ: قَالَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «إِذَا صَلَّيْتُنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ فَصَلِّينَ بِصَلَاتِهِ، وَاذَا صَلَّيْتُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ فَصَلِّينَ أَرْبَعًا»، وهذا لا يقال من قبيل الرأي وله حكم الرفع.

لذلك إن لم يتيسر للمسلم الجماعة وبالخصوص في هذا الزمان فالواجب عليه الرجوع إلى الأصل وهو صلاة الظهر كما أشار إلى ذلك الحسن البصري في قوله: «كُنَّ نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يُصَلِّينَ الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ يَحْتَسِبْنَ بِهَا مِنَ الظُّهْرِ»، وهذه حكاية إجماع على عمل النساء في عهده وتدل على أن الواجب في حقهن الظهر لسقوط الجمعة عليهن، قال ابن المنذر: ” وأجمعوا على أن لا جمعة على النساء “، ولكن إذا شهدن الجماعة فهي تجزئ عن الظهر.

ومما ورد في ذلك من الأثار:

عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «مَن أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكِ الرُّكُوعَ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا»، وقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: شَيْءٌ وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ سَأَلْتُ عَنْهُ الْأَسْوَدَ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَمَا هُوَ؟ فَلَعَلَّكَ قَدْ كُفِيتَهُ، قَالَ: الرَّجُلُ يُدْرِكُ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، قَالَ: قَالَ الْأَسْوَدُ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكِ الرُّكُوعَ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا»، وقال الشَّعْبِيّ «مَنْ أَدْرَكَ الْخُطْبَةَ فَهِيَ الْجُمُعَةُ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ فَهِيَ الْجُمُعَةُ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يُدْرِكِ الرُّكُوعَ، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا»، وعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ” كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ فَاتته رَكْعَةٌ مِنَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، وَمَن لَمْ يُدْرِكْ، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا”، وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَنَسٍ، وَالْحَسَن قَالُوا: «إذا أدرك من الجمعة ركعة، أضاف إليها أخرى، فإِذا أدركهم جلوسا، صَلَّى أَرْبَعًا»، وعن جَمِيل بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيّ، قَالَ: «رَأَيْت إِيَاس بْنَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ يَوْمئِذٍ قَاضِي الْبَصْرَةِ، جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ، وفاتته فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ أَرْبَعَ ركعات».

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى