السلاسل العلميةسلسلة فتاوى رمضانية

سلسلة فتاوى رمضانية س1

سلسلة فتاوى رمضانية | للشيخ محمد بن سعيد الأندلسي حفظه الله.

  • السؤال الأول: أحسن الله إليكم شيخنا هذا سائل يسأل هل يصح اشتراط الصورة أو الفيديو لإثبات رؤية الهلال؟ ويجعل ذلك شرطا في قبول الرؤيا؟ وهل يجب على كل مسلم أن ينظر في الشهادات ويمحص فيها ؟

•الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد …
فقد رأينا الكثير من المسلمين من يتعنت في مسألة ثبوت الهلال يشترط في ثبوته شروطا ما أنزل الله بها من سلطان، بل يزيد على ما ورد في النص ما لم يأت به دليل والله المستعان. وقد ورد في الباب حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “إني رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله؟ أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم قال يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا”. رواه ابن خزيمة وابن حبان وعند أبي داود بلفظ إني رأيت الهلال. قال الحسن في حديثه يعني: رمضان. وكذلك الحديث رواه النسائي والترمذي وابن أبي شيبة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي في تلخيصه، وإن كان فيه مقال إذ أكثر أصحاب سماك رووه عن سماك عن عكرمة عن النبيﷺ مرسلا، ولكن جرى العمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم ومن خالفهم اشترط شهادة رجلين في دخول الشهر، قال الترمذي: “والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم قالوا تقبل شهادة رجل واحد في الصيام وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وأهل الكوفة، وقال: “إسحاق لا يصام إلا بشهادة رجلين”، ولم يختلف أهل العلم في الإفطار أنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين … في هذا الحديث لم يشترط أهل العلم إلا الشهادة كما هو منطوق الحديث  ومن زاد على الشهادة شيئا وجعله شرطا فقد زاد في الدين ما ليس منه. 

  • والشهادة هي: قول الشاهد المسلم رأيت الهلال كما روي عن عبد الله بن عمر قال: “تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه”، كذلك روي مثله عن علي: أن رجلا شهد عنده على رؤيته هلال رمضان فصامه وأمر الناس أن يصوموا، وقال: “أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان” فإذا شهد المسلم العدل أنه رأى الهلال، شهد بذلك أنه رآه بعينه فيجب العمل بشهادته وعلى هذا اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أصحابه من بعده فمن زاد على هذا القدر فقد استدرك على الشرع، فسبق معنا حديث عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أثبت رؤية هلال رمضان وأمر بالصيام لشهادة أعرابي واحد، وكذلك حديث عبد الله بن عمر يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أثبت رؤية هلال رمضان برؤيته وأمر بالصيام لشهادته، وهذان حديثان صالحان للاحتجاج وعليهما العمل عند أئمة الدين ويدل دلالة لا تقبل التأويل على أن ثبوت الهلال يثبت بالشهادة وهذا رد على من تنطع وأوجب الصورة أو الفيديو مع الشهادة على الرؤية بالعين ولم يعتبر الشهادة إلا مع الصورة أو نحوها والأمر من الوضوح بحيث أنه لا يحتاج إلى وقفة أطول من ذلك والله المستعان.

     • كذلك ننبه هنا إلى أمر مهم جدا قد يغفل عليه الكثير من المسلمين في هذا الباب أن عدم الرؤية أو تعذر الرؤية في بعض المناطق ليس شهادة. فتعذر الرؤية في بعض المناطق ليس شهادة؛ كما ورد في حديث عبد الله بن عمر:  “تراءى الناس الهلال وفيه أن الناس بادروا بالرؤية ولم يراه إلا ابن عمر، فليس عدم الرؤية شهادة إذ الشهادة لا تكون إلا في الإثبات أما النفي فليس بشهادة الشهادة إنما رأيت أو سمعت هذا هو هذه هي الشهادة في كتب القضاء كما قررها العلماء في كتب القضاء، أما عدم الرؤية ليس بشهادة لذلك كثير من المسلمين من ينشر صورا لعدم الرؤية أو تعذرها ويعتبر ذلك شهادة بل يبني عليها أحكاما بل يرد شهادة المسلمين بهذا النفي، وهذا لا شك أنه من الجهل العظيم بباب الشهادات والله المستعان.

  • كذلك ننبه أن الذي يحكم في الشهادات الواردة من المسلمين هو الإمام فإن لم يكن ثم إمام فمن له الأهلية الشرعية للنظر في باب الشهادات وبناء الحكم عليها، وليس الأمر لكل من هب ودرج ينظر في الشهادات وليس كل مسلم مكلف بالنظر في الشهادات والبحث عنها كما هو الحاصل اليوم، فكل مسلم يبحث عن الشهادة ولابد أن يسمع من شهد ولابد أن يشهد عنده وهذه من الفوضى وليست من دين الله تبارك وتعالى، والأمر في هذا موكول إلى الجماعة المسلمة، والصوم يوم يصوم المسلمون، والواجب على كل مسلم اتباع الجماعة المسلمة في يوم الصيام، وكذلك في يوم الإفطار وإن أخطؤوا قد أصاب هو في الإتباع، ولو أصاب منفردا أخطأ في الانفراد وعدم الاتباع، قال أبو داود ‹ باب إذا أخطأ القوم الهلال › وذكر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون”، وفي رواية: الصوم يوم يصوم الناس”، فالصوم عبادة تكون مع جماعة المسلمين والمسلم تبع لهم .. هذا والله أعلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى