الفتاوىالقرض والصرففتاوى المعاملات المالية

ما هو القول الفصل في رد الدين إذا انهارت العملة ؟

    السؤال : ما هو القول الفصل في رد الدين إذا انهارت العملة ؟

الجواب : أقول أنّ العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي المثل وليس القيمة، لأن الديون تُقضى بأمثالها، فإذا كان في الذمة عملة الدولار فالرد يكون بالدولار، وإذا كانت بالليرة فالرد يكون بالليرة وهكذا، والأصل في ذلك ما روي عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَهْدَتْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ، فَضَرَبَتْ عَائِشَةُ القَصْعَةَ بِيَدِهَا، فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ»[[1]]، لذلك لا يجوز في الأصل ربط الديون الثابتة في الذمة بالقيمة أي بمستوى الأسعار أو بالذهب والفضة إلا في صور معينة ذكرها الفقهاء كانهيار العملة الذي هو في معنى الكساد والانقطاع، وإلا فالأصل الواجب للدائن مثل ما ثبت عليه من الأوراق النقدية في ذمة المدين.

وفي الصورة التي تكلم عليها السائل وهي في حالة ما إذا ازداد التضخم في العملة حتى انهارت قيمتها كما وقع لليرة السورية مؤخرا، وقبل ذلك للدينار العراقي، فنقول في هذه الحالة يكون الواجب رد القيمة وهذا ما ذهب إليه بعض الحنابلة[[2]]، والمالكية فيما إذا كان التغير كثيراً[[3]] والضرر كبيرا، فتُحسب قيمة الدين في يومه بالذهب وتعطى قيمة الذهب بعملة أخرى … فمثلاً إذا كانت 100 ألف ليرة سورية قبل خمس سنوات تشتري 20 غرام ذهب يدفع قيمة 20 غرام بالدولار اليوم، خروجا من صورة الربا.

ونقول أنَّ هناك اختلافات جوهرية بين العملات الورقية المعاصرة وبين النقدين الذهب والفضة مما يجعل سريان بعض أحكامها عليها من حيث زكاتها، وجريان الربا فيها لا يقتضي بالضرورة انطباق سائر أحكام النقدين عليها وخصوصاً في وظيفة الدفع المؤجل في حالة التضخم وانهيار قوتها الشرائية …. ومن ثم فأقوال الفقهاء السابقين واستدلالاتهم حول تغيرات النقود ــ بالخلقة أو بالاصطلاح ــ كساداً وانقطاعاً ورخصاً وغلاءً لا تنطبق على الورق النقدي المعاصر، ولا يصح تخريج أحكام تغيرات النقود الورقية عليها. 
فالورق النقدي نقدٌ قائم بذاته، له طبيعته وخصائصه وتغيراته ومشكلاته التي تنشأ في ظل نظامه النقدي، ولا بدّ في التعرف على أحكامه الشرعية في ظل تغيراته من نظر اجتهادي جديد، وخصوصاً في قضية ربط الديون والالتزامات الآجلة بمؤشر تكاليف المعيشة في حالات التضخم الكبير.

سراج الطريق تلجرام

سراج الطريق الأساسية

سراج تفريغات

بوت سراج الطريق

المصدر
[[1]] رواه الترمذي 1359 هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.[[2]] انظر: الفروع (4/203)، الإنصاف (5/127)، المبدع 4/207.[[3]] انظر: حاشية الرهوني (5/121)، وحاشية المدني 5/118.

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى