السلاسل العلميةسلسلة أدلّة الأحكام

مبحث الإجماع ١ : الدّرسُ السّادسُ : الجزءُ الثَّانِي والأخير

الجزءُ الثَّانِي والأخير : حد الإجماع وذكر الأدلة على حجية إجماع الصحابة...

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين…
نذكر ها هنا بحول الله وقوته حد الإجماع، نذكر كذلك الأدلة من الكتاب والسنّة على وجوب العمل بإجماع الصحابة
الإجماع في لغة العرب من الألفاظ المشتركة على معنيين، منها : العزم وكذلك الاتفاق، فالعزم : كقولهم أجمع فلان على كذا إذا عزم عليه، وجاء في كتاب الله تبارك وتعالى قوله : { فأجمعوا أمركم } أي اعزموا، وجاء في الحديث عن حفصة أنها قالت : «لاصيام لمن لم يجمع الصيام قبل الفجر» رواه النسائي، أي لم يعزم الصيام من الليل، والإجماع بهذا الاعتبار يطلق على الواحد كذلك يطلق على الجمع، الثاني : الإتفاق، يقال أجمع القوم على كذا إذا اتفقوا عليه، وهو بهذا المعنى لا يصدر إلا عن الجمع ولا يتصور من الواحد، قيل كذلك أن الإجماع في وضع اللغة هو الاتفاق والعزم راجع إليه، لأن من اتفق على الشيء فقد عزم عليه.
في اصطلاح أهل الفن يعني تعريف الإجماع في اصطلاح أهل الأصول قالوا: هو اتفاق علماء العصر من أمة محمد ﷺ على أمر من أمور الدين ذكره ابن قدامة في الروضة، يقول السمعاني : “كذلك اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة” قواطع الأدلة، وعلى هذا تدور عبارة أهل الأصول، نقول أن الإجماع الذي ينضبط بهذا الاعتبار هو إتفاق الصحابة على حكم شرعي، ومسائل الإجماع على وفق هذا الحد يعني الذي ذكرناه، وأنه اتفاق الصحابة على حكم شرعي، يعني هي المسائل التي انضبطت في عهد الصحابة من صريح الكتاب والسنة وجاءت متواترة في حروفها وصريحة في دلالتها ومعانيها، ثم استقرّ عليها العلم والإجماع في هذه الأمة، أما أن يفهم الإجماع الذي يحده أهل الأصول ويذكرون في شروطه شروطا قد يصعب وقوعها وحصولها، مثل ما يقولون أن الإجماع هو الإجماع الذي تنادى به أصحاب الاجتهاد بأسانيد منضبطة إلى أهل الاجتهاد، فإذا انقطعت هذه الأسانيد أو عدمت شككنا في هذا الإجماع فنقول : أن هذا لا يصح ولا ينضبط بهذا الاعتبار وهو متعسر في معظم مسائل الإجماع، هنا ينبغي أن ننبه على مسألة الحجية التي قد يستشكلها كثير من الناس كيف أن الإجماع حجة؟؟، نقول : قولنا أن الإجماع حجة إنّما هو باعتبارين :
باعتبار المسند الذي قام عليه الإجماع، فالإجماع لابد له من سند، ما هو هذا السند؟؟ إنما هو كتاب الله وسنة النبي ﷺ، لا يخلو إجماع من سند ولا يقوم إجماع إلا على سند كما سيأتي معنا إن شاء الله تعالى، لأن أهل الإجماع لا ينشئون الأحكام الشرعية، وليسوا بأهل التشريع لهذه الأحكام، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، كذلك معنى الحجية : هو وجوب اتباع سبيل المؤمنين الذين هم الصحابة، فالأدلة الواردة في وجوب اتباع سبيل الصحابة فيها دلالة على أنه يحرم مخالفتهم ويجب اتباع سبيلهم فهذا هو أحد معاني الحجية يعني حجية الإجماع، نقول إذا ثبت إجماع الصحابة على حكم شرعي فثبوت هذا الإجماع يترتب عليه أحكام منها : وجوب اتباع هذا الإجماع وحرمة المخالفة، وهذا هو معنى الحجية الذي سبق الإشارة إليه، فإذا ثبت إجماع الصحابة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد الخروج على إجماعهم، كذلك لا يجوز لأهل الإجماع أنفسهم مخالفة ما أجمعوا عليه بعد انعقاد الإجماع، كذلك لا تجوز المخالفة لمن يأتي بعدها من التَّابعين والتَّابعين لهم بإحسان، نذكر ها هنا الأدلة إن شاء الله تعالى من كتاب المولى تبارك وتعالى في حجيَّة الإجماع، والعلماء حينما يذكرون الأدلة من الكتاب والسنة لهم في ذلك مسالك في ذكر الأدلَّة منها بيان مسالك إثبات حجيَّة الإجماع، بيان وجوب اتباع سبيل المؤمنين وحرمة مخالفة سبيل المؤمنين، كقوله تبارك وتعالى: { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولى ونُصلِهِ جهنَّم وساءت مصيرًا }، هذا هو الدليل الذي عوَّل عليه الشافعي -عليه رحمة الله- في حجيّة الإجماع، فالشافعي ذكر هذا الدليل في حجية الإجماع، وأن الإجماع حجة في دين الله تبارك وتعالى وحرمة مخالفة الإجماع، فذكر هذا الدليل يعني استنبط منه الحجية بعد التروي والفكر الطويل وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها وأدقّها، يقول الخطيب في وجه الدلالة : «وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى، توَعَّدَ أَتْبَاعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِين فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اتِّبَاعَ سَبِيلَهُمْ وَاجِبٌ وَمُخَالَفَتُهُمْ حَرَامٌ ــ إلى أن قال ـــ فَإِنْ قَالَ: إِنَّمَا توَعَّدَ اللهُ عَلَى مُشَاقَةِ الرَّسُولِ وَهِيَ مُخَالَفَتُهُ وَعَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ التَّوَعُّدُ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ بِانْفِرَادِهِ فَالْجَوَابُ: أَنَّ مُشَاقَةَ الرَّسُولِ مُحَرَّمَةٌ بِانْفِرَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُؤْمِنٌ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَعِيدَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ، وَلِأَنَّ اتِّبَاعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا بِانْفِرَادِهِ لَمْ يَحْرُمْ مَعَ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ» الفقيه والمتفقه، ابن قدامة كذلك يقول في وجه دلالة: «التوعد على الشيئين يقتضي أن يكون الوعيد على كل واحد منهما منفردًا، أو بهما معًا، ولا يجوز أن يكون لاحقًا بأحدهما معينًا، والآخر لا يلحق به وعيد، كقول القائل: “من زنا أو شرب ماء عوقب”، وهذا لا يدخل في القسم الثاني ــ وهو: أن يكون على كل منهما معًا ـــ لأن مشاقة الرسول بمفردها تثبت العقوبة، فثبت أنه من القسم الأول ــــ وهو: أن يكون الوعيد على كل منهما منفردًاــ» روضة الناظر .
المسلك الثاني على حجية الإجماع أن الإجماع صادر من مجموع الأمة، والأمة يعني الصحابة معصومة، والمعصوم لا يصدر عنه إلا الصواب، ذكروا في ذلك أدلة منها قوله تبارك وتعالى: { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون }، يقول الشوكاني في وجه الاستدلال بهذه الآية قال: « هذه الخيرية توجب الحقيقة لما أجمعوا عليه وإلا لكان ضلالًا، كذلك من ذلك قوله تبارك وتعالى: { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا } ، روي عن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: في تفسير قوله : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } قال : « عدلا »، وهذا كما في قوله تبارك وتعالى: { قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون } روي عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة يقول : في قوله: { قال أوسطهم } أي : « خيرهم وأعدلهم قولا”، وإذا أخبر الله تعالى أن الأمة عدل قال لم تجز عليهم الضلالة لأنه لا عدالة مع الضلالة »، وقال تعالى: { فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا }، قال الخطيب : « فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف ولا يجب في حال الإجماع” الفقيه والمتفقه، كقوله: { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله }، فمفهومه هو ما اتفقتم فيه فهو حق، مفهوم المخالفة من الآية أن ما اتفقتم فيه فهو حق.
من السنة كذلك وردت أدلة على حجية إجماع الصحابة، وذكر العلماء في ذلك مسالكًا في الاستدلال من السنة من أقواها وأصرح هذه الأوجه أن النبي ﷺ أمر بلزوم الجماعة وعدم الخروج عليها، فهذا أمر بحجية الإجماع يعني إجماع الصحابة، يقول الشافعي : “وأمر النبي ﷺ بلزوم جماعة المسلمين مما يحتج به في أن إجماع المسلمين إن شاء الله تعالى لازم” الرسالة، من ذلك ما روي عن عبد الله بن عمر قال خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية فقال : «إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِينَا، فَقَالَ: “أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِب حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُستحلف، وَيَشْهَدَ وَلَا يُستشهد، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، لَا يخلُونَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يخلُونَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثُهُمَا الشَّيْطَانُ، الشَّيْطَانُ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَمَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ هُوَ الْمُؤْمِنُ» رواه الترمذي وغيره، يقول الشافعي: «ومن قال بما تقول به جماعةُ المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعةُ المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أُمِرَ بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفُرقة، فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافةً غفلةٌ عن معنى كتاب ولا سنة ولا قياس، إن شاء الله» الرسالة، كذلك ما روي عن أبي ذر قال : قال النبي ﷺ : « من فارق الجماعة شبرًا خلع ربقة الإسلام من عنقه» رواه أحمد، ووجه الدلالة من هذا الحديث ما ورد من الذم لمن خالف الجماعة و ما فيه، كذلك من وجوب الاتباع لجماعة المسلمين وإلا فلا يبقى له معنى، كذلك ما روي عن عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ قال: « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّتِي، أَوْ قَالَ: أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ عَلَى ضَلاَلَةٍ، وَيَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ » رواه الترمذي، فيه دلالة على عصمة الأمة والأمر بلزوم الجماعة، كذلك حديث أنس عن النبي ﷺ قال : قال النبي ﷺ : « نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَحَمَلَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ فِيهِ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلَاثٌ لَا يُغلّ عَلَيْهِنَّ صَدْرُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلهِ، وَمُنَاصَحَةُ أُولِي الْأَمْرِ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ» رواه أحمد وغيره، كذلك حديث أبي مسعود قال: «عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَهَذِهِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ أَبَدًا، وَعَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر» رواه ابن بطة في الإبانة، كذلك ما روي عن عبد الله قال: « اِلزموا الجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة، اِلزموا الجماعة حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر » رواه ابن بطة في الإبانة، هذا الذي ذكره عبد الله هنا روي مرفوعًا من أوجه متعددة، ولكنه لم يصح فيه المرفوع سندًا، وصح موقوفًا على جملة من الصحابة، منها ما رواه عبد الله بن مسعود ها هنا يقول ابن قدامة بعد أن ذكر جملة واسعة من هذه الآثار في الدلالة على حجية الإجماع: «أن هذه الأحاديث لم تزل مشهورة بين الصحابة والتابعين يتمسكون بها في إثبات الإجماع، ولا يظهر فيه أحد خلافًا إلى زمن النظام، ويستحيل في مطرد العادة ومستقرها توافق الأمم في أعصار مطردة على التسليم لما لم تقم الحجة بصحته، مع اختلاف الطباع، وتباين المذاهب في الرد والقبول» روضة الناظر، يقول الطبري : « وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَمَعْنَاهُ أَنْ لَا يَجْمَعهُمْ عَلَى إِضْلَالِ الْحَقِّ فِيمَا نَابَهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ حَتَّى يَضِلَّ جَمِيعُهُمْ عَنِ الْعِلْمِ وَيُخْطِئُوهُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي الْأُمَّةِ» الاعتصام، يقول الطوفي: «وَأَمَّا أَنَّ الْأُمَّةَ مَعْصُومَةٌ، فَلِأَنَّ الْأَخْبَارَ النَّبَوِيَّةَ فِي عِصْمَتِهَا بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ، لِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا، وَاشْتِرَاكِهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ نَفْيُ الْخَطَأِ عَنْهَا، كَقَوْلِهِ ﷺ ” «أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى الضَّلَالَةِ»، وقوله “لَمْ يَكُنِ اللهُ بِالَّذِي يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى الضَّلَالَةِ”، وَفِي لَفْظٍ: «عَلَى الْخَطَأِ» «وَسَأَلْتُ اللهَ أَنْ لَا يَجْمَعَ أُمَّتِي عَلَى الضَّلَالَةِ، فَأَعْطَانِيهَا»، أَيْ: أَعْطَانِي تِلْكَ الْخَصْلَةَ الْمَطْلُوبَةَ. «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ»، «يَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَلَا يُبَالِي بِشُذُوذِ مَنْ شَذَّ»، «مَنْ سَرَّهُ بُحْبُوحَة الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ»، «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُ اللهِ»، «مَنْ خَرَجَ عَنِ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ»، «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَمَاتَ، فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ، شَذَّ فِي النَّارِ» فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ، تَنَاقَلَهَا الْأَئِمَّةُ، وَتَدَاوَلُوهَا، مُتَلَقِّينَ لَهَا بِالْقَبُولِ، غَيْرَ مُنْكِرِينَ لِشَيْءٍ مِنْهَا، حَتَّى صَارَتْ لِتَوَاتُرِهَا الْمَعْنَوِيِّ كَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ، وَسَخَاءِ حَاتِمٍ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي عِصْمَةَ الْأُمَّةِ مِنَ الْخَطَأِ.
وَأَمَّا أَنَّ الْمَعْصُومَ لَا يَصْدُرُ عَنْهُ إِلَّا الصَّوَابُ، فَلِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْمَعْصُومِ وَمَفْهُومُهُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الصَّادِرَ عَنِ الْأُمَّةِ الْمَعْصُومَةِ صَوَابٌ، وَالصَّوَابُ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ حُجَّةً” شرح مختصر الروضة، ونقول: أن العصمة ها هنا باعتبار عدم الخطأ أو عدم الإجتماع على الخطأ وذلك متصور في جماعة الصحابة، نقول: أن هذه الأدلة إنما هي واردة على جماعة الصحابة الذين لا يجوز على جميعهم جهل التأويل أو يجوز على جميعهم الضلال أو يجوز على جميعهم الخطأ ونحو ذلك، يقول الشهرستاني: «ونحن نعلم: أن الصحابة رضي الله عنهم، الذين هم الأئمة الراشدون: لا يجتمعون على ضلال؛ وقد قال النبي ﷺ: “لا تجتمع أمتي على ضلالة”» الملل والنحل.

🖋. . . نقف هنا . . .
سبحانك اللهم وبحمدك رأشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

🖋 انتهى الدرس السادس بفضل الله.

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى