أحكام الحربالفتاوىفتاوى الجهاد

ما حكم رفع أعلام الكفار للخداع في الحرب إذا كانت خالية من الصلبان، وما هو مناط الكفر فيها إن كانت للخداع ؟

    السؤال : ما حكم رفع أعلام الكفار للخداع في الحرب إذا كانت خالية من الصلبان، وما هو مناط الكفر فيها إن كانت للخداع ؟

الجواب : نقول أنَّ هذه الرايات الوطنية أو الأعلام الوثنية هي رمز للسيادة القومية وشعار للديانة الوطنية، فالعَلم هو رمز الوطن، وهو الراية والشعار اللذان يُعبّران عن الوطنية والانتماء، لذلك هو بمنزلة الصليب الذي هو شعار الديانة النصرانية، فكما أن النصارى يعظمون صلبانهم ويقنتون لها ويقاتلون دونها، فكذلك قومنا يعظمون راياتهم ويقنتون لها ويقاتلون دونها، وعليه نقول أنَّ رفع الرايات الوطنية في مقام القتال هو بمثابة رفع الصلبان سواء بسواء، فالقتال تحت هذه الرايات هو بمثابة القتال تحت الصلبان وهو من الكفر الصريح.

    أما الخداع في الحرب في هذا الباب فيكون بالحيل والمعاريض والتورية ولا يكون بالكفر الصريح الذي لا يحتمل غيره، فالمعاريض خلاف التصريح، وهي كلام له وجهان ــ كالمشترك اللفظي ــ يفهم منه المخاطب معنى ومراد المتكلم معنى آخر، ففِي الصَّحاح: “المَعَارِيض فِي الكَلام هِيَ التَّوْرِيَةُ بالشَّيْءِ عَن الشَّيْءِ”، وقال ابن الأثير:” المَعَارِيض: جمعُ مِعْرَاض، مِنَ التَّعْرِيض، وَهُوَ خِلافُ التَّصْرِيح مِنَ القَولِ. يُقَالُ: عَرَفْت ذَلِكَ فِي مِعْرَاض كَلَامِهِ ومِعْرَض كلامِه، بحَذْفِ الْأَلِفِ”
“قَالَ عمر: «أما فِي المعاريض مَا يُغني الرجل عَن الْكَذِب» فالمعاريض: مَا يعرض بِهِ وَلَا يُصَرح، مندوحة، أَي سَعَة وفسحة، أَي: فِيهَا مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الرجل عَن الِاضْطِرَار إِلَى الْكَذِب، يقَالَ: ندحت الشَّيْء ندحا: إِذا وسعته”

  وقال ابن القيم:” وَمِنْ أَنْوَاعِ الْفِرَاسَةِ: مَا أَرْشَدَتْ إلَيْهِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْ الْمَكْرُوهِ بِأَمْرٍ سَهْلٍ جِدًّا، مِنْ تَعْرِيضٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَمِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ” عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي، قَالَ: انْطَلِقْ، فَأَخْرِجْ مَتَاعَك إلَى الطَّرِيقِ، فَانْطَلَقَ، فَأَخْرَجَ مَتَاعَهُ. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إلَيْهِ. فَقَالُوا: مَا شَأْنُك؟ فَقَالَ: إنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أَخْرِجْهُ. فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: ارْجِعْ إلَى مَنْزِلِك، فَوَاَللَّهِ لَا أُوذِيك أَبَدًا» فَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا هِيَ الْحِيَلُ الَّتِي أَبَاحَتْهَا الشَّرِيعَةُ وَهِيَ تَحَيُّلُ الْإِنْسَانِ بِفِعْلٍ مُبَاحٍ عَلَى تَخَلُّصِهِ مِنْ ظُلْمِ غَيْرِهِ وَأَذَاهُ، لَا الِاحْتِيَالُ عَلَى إسْقَاطِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَاسْتِبَاحَةِ مَحَارِمِهِ، وَفِي ” الْمُسْنَدِ ” وَالسُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «مَنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ، فَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ جَمَاعَةٍ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ وَلْيَنْصَرِفْ» .
وَفِي السُّنَّةِ كَثِيرٌ مِنْ ذِكْرِ الْمَعَارِيضِ الَّتِي لَا تُبْطِلُ حَقًّا، وَلَا تُحِقُّ بَاطِلًا كَقَوْلِهِ  لِلسَّائِلِ «مِمَّنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ مِنْ مَاءٍ».

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى