![](https://seiraj.com/wp-content/uploads/2023/10/—Pngtree—islamic-religious-building-background_2150939-780x470.png)
السؤال: هل يكفر المصر على المعصية؟
الجواب: قال الجرجاني: “الإصرار الإقامة على الذنب والعزم على فعل مثله”[[1]]، فالإصرار على الذنب هو البقاء والاستمرار عليه دون إحداث توبة منه، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)}آل عمران، عن السدي: {وَلَم يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا} أما “يصروا” فيسكتوا ولا يستغفروا»[[2]]، وقال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا، قول من قال: “الإصرار”، الإقامة على الذنب عامدا، وترك التوبة منه … وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال: «ما أصرَّ من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة»[[3]].
والمصر على الذنب بالتوصيف السابق هو من جملة العصاة ولا يكفر بتكراره وإصراره إلا إن استحل فيكفر باستحلاله، والتوبة من جميع المعاصي واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية كبيرة أو صغيرة، والمذنب المصر إن مات على إصراره هو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه بذنبه ثم أدخله الجنة، قال محمَّدُ بنُ نَصرٍ المَرْوَزي: “إنَّ المُصِرَّ على ما دونَ الشِّركِ حتى يموتَ: مؤمِنٌ، غيرُ كافرٍ ولا مُشرِكٍ، وهو بين خَوفٍ ورجاءٍ، يُخافُ أن يُعاقِبَه اللهُ على مَعصيتِه إيَّاه بما استحَقَّ من العقوبةِ، ونرجو أن يتفَضَّلَ اللهُ عليه فيعفو عنه ويغفِرُ له ذَنْبَه” [[4]].
ومما يدل على ما ذكرنا ما روي عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ: كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ»[[5]]، فعبد الله تكرر منه الذنب والحد حتى لعنه بعض الصحابة فنهاه النبي وأخبره أنه يحب الله ورسوله وهذه شهادة له بالإسلام.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّﷺ قَالَ:« مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ، أَوْ ذَنْبٌ هُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُفَارِقَ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ خُلِقَ مُفْتَنًا تَوَّابًا نَسِيًّا إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ»[[6]].