الفتاوىفتاوى متنوعة

ما حكم استعمال العطور التي تحتوي على نسب كحولية؟

     السؤال :  ما حكم استعمال العطور التي تحتوي على نسب كحولية؟

الجواب: نقول وبالله التوفيق أن الكحول المستخدم في العطور هو الكحول الايثيلي -الإيثانول- وهو القاسم المشترك بين المشروبات الكحولية جميعها، وهي المادة التي تسبب الإسكار فيها، ونسبة الإيثانول في العطور غالباً ما تكون مرتفعة، مع العلم أن النسبة القليلة من الإيثانول (٢ إلى ٥%) تجعل السائل مسكراً، بل البيرة المسكرة نسبة الإيثانول فيها تتراوح بين (٢ إلى ٥.%) وعليه فإن العطور المشتملة على نسبة الكحول المسكرة هي بمنزلة الخمر وتنطبق عليها جميع أحكام الخمر، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا المتاجرة بها كما ورد من حديث ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَها»، ولا يجوز استعمالها والانتفاع بها كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: « سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ «أَيُتَّخَذُ الخَمْرُ خَلَّا؟ قَالَ: لاَ »، وتحريم كل أوجه استعمالها دليل على نجاستها، “وذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَحْرِيمِ الْانْتِفَاعِ بِالْخَمْرِ لِلْمُدَاوَاةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ أَوْجُهِ الاِنْتِفَاعِ، كَاسْتِخْدَامِهَا فِي دُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ بَل طِينٍ “.
ومن الأثار أن عائشة رضي الله عنها سُئلت عَن : « الْمَرْأَةِ تَمْتَشِطُ بِالْعَسَلَةِ فِيهَا الْخَمْر؟ فَنَهَـتْ عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْي ، وعَنْ نَافِعٍ أَنِ ابْنِ عُمَرَ بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً يَمْتَشِطْنَ بِالْخَمْرِ فَقَالَ : (أَلْقَى اللَّهُ فِي رُؤُوسِهِنَّ الْحَاصَّةَ ) [١].

وعَن حُذَيْفَةَ قَالَ : “تَمْتَشِطُ بِالْخَمْرِ !! لا طَيَّبهَا اللَّـهُ.
وسُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ : عَنْ دُرْدِيِّ [٢] الْخَمْرِ هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُتَدَلَّكَ بِهِ فِي الْحَمَّامِ ، أَوْ يُتَدَاوَى بِشييْءٍ مِنْهُ فِي جراحة أَوْ سِوَاهَا ؟ قَالَ : هُوَ رِجْسٌ ، وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاجْتِنَابِهِ ».

    وننبه أن المسألة لا تتوقف على طهارة الخمر ونجاستها، بل محل النزاع على كون هذه العطور مسكرة أم لا، فإذا ثبت أنها مسكرة فهي خمر وقد أمرنا الله باجتناب الخمر اجتناباً كلياً كما في قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة:٩٠) ، فكيف يأمرنا الله باجتنابهـا ثــم نـضــعـهـا علــى أجسامنا ونتضمخ بها!! ، فقوله: ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء بوجه من الوجوه ، لا بشرب ولا بيع ولا تخليل ولا مداواة ولا غير ذلك ، وعلى هذا تدل الأحاديث الواردة في الباب، قال الشنقيطي: “واجتناب الشيء هو التباعد عنه ، بأن تكون في غير الجانب الذي هو فيه “.
————————————————
[١] والحَاصَّةُ : داء يَتَنَاثَرُ منه الشَّعَرُ .
[٢] دُرْدِيُّ الزيت وغيره : ما يبقى في أسفله.

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى