السلاسل العلميةسلسلة أدلّة الأحكام

حجيّة السّنّة والرّدّ على النّكرانيّين : الدرس الأول : الجزءُ الأوّلُ

🖋الجزءُ الأوّلُ: أدلّة الاحكام مقدّمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمدُ لله الَّذِي فضّل هَذِه الأمّة على سَائِر الأممِ، وَجعل للصَّدر الأوّل من ذَلِك أكثر الحظّ ووافر الْقَسم، واختصّهم لصحبة نبيّه ﷺ الْمَبْعُوث بمحاسن الأخلاق ومكارم الشّيم، وهداهم بِمَا شهدُوا من أحواله وفهموا من أقواله وعاينوا من أفعالهِ عاليَ القمم، فكانوا خير الْقُرُون بالإجماع وأولاها بالاقتداء والاتّباع عند أولي العزم والهمم، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد النّبيّ الخاتم وعلى آله وصحبه أهل السّبق والكرم ومجامع الأخلاق ودقائق الحِكم.


•أما بعد فَهَذه سلسلة علميّة في أدلّة الأحكام التي اضطربت فيها أفهام المتأخرين وزلّت فيها أقدام السّالكين في هذا الزّمان, هذا الزّمان الذي عمّت فيه الأهواء وكثرت فيه الأحزابُ واشرأبّ فيه النّزاع والخلاف حتى بلغ هذا النّزاع مبلغا وعرا وسلك مسلكًا للإلحاد والله المستعان، وضاع الحق بين غالٍ فيه وجافٍ عنه، فقوبلت البدع ببدعٍ، وخفَتَ صوت أهل الإنصافِ والوسطيّة بين ضوضاء دعاة التّقليد والعصبيّة وبين تهريف وتخريف دعاة التحرّر والاجتهاد دون ضوابط وأصول سَنية.
•ومن هذه الجماعات قومٌ زنادقة طعنوا في حجيّة السّنّة، واشتغلوا بالتّهوين من أمرها والتّنفير من التمسك بها والاهتداء بهديِها، لينالوا بذلك من تحريف القرآن مايريدون، ومن هدم الدّين ماينشدون، وفي الحقيقة أنّ هذه الغارة قد شُنّت من قديم الزّمان، شُنّت بلسان المعتزلة من أهل الكلام على أهل الحديث والسّنّة وبالتّالي على السّنّة التي يشتغلون بها ويدعون النّاس إلى لزومها والاحتجاج بها، فكان المعتزلة الأوائل يريدون تحكيم العقل على النقل، ويريدون كذلك طرح نصوص السّنّة والحديث ليخلو لهم الجوّ في نشر سمومهم وتحكيم عقولهم على السّنّة، فقيّض الله تبارك وتعالى الإمام الشّافعي فناقشهم وأطال نقاشهم حتى ألقمهم الحجر، وأورد من ذلك في كتابه “الرّسالة”، فالمعتزلة الأوائل كانوا ينكرون حجيّة السّنّة من حيث التّشكيك في طرق ثبوتها وكذلك مايلحق رواتها من خطأ أو وهم أو مايندسّ بينهم من وضّاعين وكذّابين، وكانوا ينكرون كذلك حجيّة أحاديث الآحاد، فكانوا يقَسِّمون السّنّة إلى متواتر وآحاد، وهذا التّقسيم قد يُسَلَّم لهم ولكن كانوا يرتّبون على هذا التّقسيم أحكاما فيها نظر، فيقولون بأنّ أحاديث الآحاد ظنّيّة الثّبوت، والظّنّيّ لاتَثبت به العقائد والأخبار، وبالتّالي يعطّلون جملة واسعة من أحاديث النّبيّ ﷺ في أبواب العقائد والأخبار، وظهرت نابتة في هذا الزّمان من المستشرقين -اليهود والنّصارى- ومن تبعهم من أذنابهم من المفكّرين والتّنويريّين والعلمانيّين والزّنادقة ومن اتّبعهم من النّاعقة في هذا الزّمان الذين تستّروا وراء تلك الشّبهات وزادوا عليها جملة من الشّبهات فأنكروا نسبة السّنّة إلى النّبيّ ﷺ، ونقول بأنّ لكلّ قوم وارث، وسيأتي معنا بحول الله وقوّته ذِكْرُ هذه الشّبه ونقضها في هذه السلسلة، كذلك من الجماعات قوم شَذّوا عن الجماعة الأولى من الصّحابة رضوان الله عليهم، فصاروا إلى نِحلة أسلافهم من الخوارج والمعتزلة، كالنّظّاميّة الجدد الذين استرسلوا في تكفير الأعلام حتى لم يبق لهم في الدّين إمام، فنصَّبُوا عقولهم حاكمة على شرع الله تعالى، وخرجوا عن فُهوم الصّحابة كما خرج أسلافهم الخوارج عن جماعة الصّحابة بأسيافهم لما خرجوا عن فهومهم وعن أقوالهم وعن إجماعهم، فصاروا بذلك إلى التّكفير ببعض المعاصي وردِّ إجماع الصحابة والطّعن المبطن فيهم، ومن ثمَّ إلى إنكار السّنّة من بعض الزنادقة، وهذا لاشكّ أنّه بوّابة الإلحاد وغير ذلك ممّا نُقل عنهم من الأقوال التي مَردُّها إلى اتّباع الأهواء وفساد الأصول والعقول، يقول البربهاري: “فمن السنة لزوم الجماعة، فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وكان ضالًا مُضِلًّا، والأساس الذي تُبنى عليه الجماعة هم أصحاب محمّد ﷺ ورحمهم الله أجمعين، وهم أهل السّنّة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضلّ وابتدع، وكلّ بدعة ضلالة، والضّلالة وأهلها في النار” شرح السّنّة، يقول كذلك ابن أبي زيد القيرواني: “ومن قول أهل السنة: أنه لا يعذر من أدّاهُ اجتهاده إلى بدعة، لأن الخوارج اجتهدوا في التّأويل فلم يعذروا إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة (فكلّ من أدّاه اجتهاده إلى الخروج عن جملة الصحابة وعن فهومهم فهذا لا يعذر بتأويله ولا شكّ ولا ريب أنّ تأويله فاسد) فسماهم عليه الصلاة والسلام مارقين من الدين، وجعل المجتهد في الأحكام مأجورا وإن أخطأ” الجامع في السّنن والآداب والمغازي والتّاريخ.

•ومن الجماعات كذلك قومٌ في هذا الزّمان رفعوا لواء اتِّباع الآثار ولا شكّ أنّ هذا الشّعار شعار صحيح ولكن لا يقصدون بالآثار مانقصده من سنّة النّبيّ ﷺ وما أجمع عليه صحابة النّبيّ ﷺ، بل رفعوا لواء اتِّباع الآثار من أقوال الأعلام والرجال فجعلوا أقوالهم حُجَّة في دين الله تبارك وتعالى، فتراهم لا يصدرون عن أقوالهم الصمّاء كأنّها الوحي المنزّلُ من
السّماء، وكلّ ذلك تحت غطاء اتّباع الآثار (واتّباع الآثار بمعناه الصّحيح كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى هو اتّباع سنّة النّبيّ ﷺ وما اتّفق عليه الصّحابة) حتى صار هؤلاء الجماعات إلى ضرب أقوال الأئمّة المتقدّمين بعضهم ببعض، بل صار بعضهم إلى هدم السّنّة بتكفير أصحاب الصّحاح والمصنّفات والطّعن فيمن حفظ لنا الأصل من سنة النّبيّ ﷺ، فتراهم من جهة يقرّرون أقوال الرّجال، ثمّ من جهة أخرى يهدمون سنة النّبيّ ﷺ، فتراهم يقرّرون أقوال الرّجال كأحمد وإسحاق أو مالكا والشّافعيّ عليهم رحمة الله ثم يُلزمون النّاس باتّباع أقوالهم مجرّدة عن الدّليل بدعوى لزوم اتّباع الآثار.


•لذلك استعنت بالله تبارك وتعالى على بيان ماهية الآثار وحقيقة الآثار التي أُمرنا بلزومها واتّباعها، هل هي أقوال الأئمّة كأحمد ومالك والشّافعي وإسحاق واللّيث والأوزاعي والسّفيانين والحمّادين ــ عليهم رحمة الله ــ وغيرها من أقوال الرجال؟ وهل يجب علينا لزوم أقوالهم وتقليد أعيانهم؟ وما هو معنى اتّباع الآثار الوارد التّحضيض عليه من جملة واسعة من السّلف، الذي يتّخذه دُعاة التقليد اليوم ذريعة في إلزام النّاس باتّباع بعض الأعلام والجمود على أقواله والدّعوة إلى طريقته ومنهجه دون غيره، وترى كلّ فئة منهم تتحيَّز إلى علَم من الأعلام ترجع إليه و تستحسن رأيه وتعكف عليه وتدعو النّاس إلى لزومه، أمّا أهل الحق فالكتاب عدّتهم والسّنّة حجّتهم والنّبيّ ﷺ فئتهم وإليه نسبتهم، يَقُولُ مَيْمُونُ بْن مِهْرَانَ: «إِيَّاكُمْ وَكُلَّ هَوًى يُسَمَّى بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ» الإبانة الكبرى، وقال ابن بطة:” «أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْآرَاءِ الْمُخْتَرعَةِ، وَالْأَهْوَاءِ الْمُتَّبَعَةِ، وَالْمَذَاهِبِ الْمُبْتَدَعَةِ، فَإِنَّ أَهْلَهَا خَرَجُوا عَن اجْتِمَاعٍ إِلَى شَتَاتٍ، وَعَنْ نِظَامٍ إِلَى تَفَرُّقٍ، وَعَنْ أُنْسٍ إِلَى وَحْشَةٍ، وَعَنِ ائْتِلَافٍ إِلَى اخْتِلَافٍ، وَعَنْ مَحَبَّةٍ إِلَى بُغْضَةٍ، وَعَنْ نَصِيحَةٍ وَمُوَالَاةٍ إِلَى غِشٍّ وَمُعَادَاةٍ، وَعَصَمَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ الِانْتِمَاءِ إِلَى كُلِّ اسْمٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ وَالسُّنَّةَ» الإبانة الكبرى.


•ونقول أنَّه في الجملة ليس لأحد أن ينصِب للأمّة علَما كائنا من كان هذا العلَم يدعو إلى طريقته ومنهجه ومذهبه، فيوالي على هذه الأقوال ويعادي عليها فيتّخذ جميع الرّخص والعزائم ثمّ يدين الله تبارك وتعالى بها، هذا ليس إلّا للنّبيّ ﷺ وما أجمع عليه صحابة النّبيّ ﷺ، ومن فعَل ذلك فنقول أنّه قد ضلّ سواء السّبيل وحاد عن الصّراط المستقيم، وهذا أحد أسباب الخلاف الواقع في هذه الأمّة، وهو من سنن الله تبارك وتعالى الكونيّة على هذه الأمّة، وكذلك أخبر النّبيّ ﷺ أنّ هذه الأمّة ستفترق على فرق كما افترقت الأمم التي قبلها من اليهود والنّصارى، ومن أكبر أسباب الغلط في هذا وأكبر أسباب الخلاف هو فهم نصوص الكتاب والسنة على غير مراد الله وسنّة النّبيّ ﷺ كما وقع لأهل البدع في الصّدر الأوّل كالخوارج والشّيعة والقدريّة وغيرهم فخرجوا عن فهوم الصّحابة وفهموا النّصوص على غير مراد الله تبارك وتعالى ومراد النّبيّ ﷺ، يقول إِبْرَاهِيمُ التَّمِيمِيُّ: ” خَلَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَيْفَ تَخْتَلِفُ هَذِهِ الْأُمَّةُ وِكِتَابُهَا وَاحِدٌ وَنَبِيُّهَا وَاحِدٌ وَقِبْلَتُهَا وَاحِدَةٌ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْقُرْآنُ فَقَرَأَنَاهُ وَعَلِمْنَا فِيمَ نَزَلَ، وَإِنَّهُ يَكُونُ بَعْدَنَا أَقْوَامٌ يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ وَلَا يَعْرِفُونَ فِيمَ نَزَلَ فَيَكُونُ لِكُلِّ قَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ فَإِذَا كَانَ لِكُلِّ قَوْمٍ فِيهِ رَأْيٌ اخْتَلَفُوا فَإِذَا اخْتَلَفُوا اقْتَتَلُوا” الجامع لأخلاق الرّاوي.

•ومع هذا الاختلاف الكبير الواقع في هذا الزّمان كان حريّا بالمسلم الرّجوع إلى فهم الصّحابة، لأنّ طريقتهم أعلم وأحكم وأسلم وهم أعرف النّاس بالحق وما يعارضه من الباطل، والصّحابة أكثر النّاس قياما بدين الله، لا تأخذهم في الله لومة لائم ولا تصدّهم عن سبيل الله العظائم، يقول اللالكائيّ: “فَلَمْ نَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَآثَارِ صَحَابَتِهِ إِلَّا الْحَثَّ عَلَى الِاتِّبَاعِ، وَذَمَّ التَّكَلُّفِ وَالِاخْتِرَاعِ، فَمَنِ اقْتصَر على هذه الْآثَارِ كَانَ مِنَ الْمُتَّبِعِينَ، وَكَانَ أَوْلَاهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ، وَأَحَقَّهُمْ بِهَذَا الْوَسْمِ، وَأَخَصَّهُمْ بِهَذَا الرَّسْمِ: أَصْحَاب الْحَدِيثِ؛ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاتِّبَاعِهِمْ لِقَوْلِهِ، وَطُولِ مُلَازَمَتِهِمْ لَهُ، وَتَحَمُّلِهِمْ عِلْمَهُ، وَحِفْظِهِمْ أَنْفَاسَهُ وَأَفْعَالَهُ، فَأَخَذُوا الْإِسْلَامَ عَنْهُ مُبَاشَرَةً، وَشَرَائعَهُ مُشَاهَدَةً، وَأَحْكَامَهُ مُعَايَنَةً، مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَلَا سَفِيرٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَاصِلَةٍ، فَجَاوَلُوهَا عِيَانًا، وَحَفِظُوا عَنْهُ شِفَاهًا، وَتَلَقَّنُوهُ مِنْ فِيهِ رَطْبًا، وَتَلَقَّنُوهُ مِنْ لِسَانِهِ عَذْبًا، وَاعْتَقَدُوا جَمِيعَ ذَلِكَ حَقًّا، وَأَخْلَصُوا بِذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ يَقِينًا، فَهَذَا دِينٌ أُخِذَ أَوَّلُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُشَافَهَةً، لَمْ يَشُبْهُ لَبْسٌ وَلَا شُبْهَةٌ، ثُمَّ نَقَلَهَا الْعُدُولُ عَنِ الْعُدُولِ مِنْ غَيْرِ تَجَامُلٍ وَلَا مَيْلٍ، ثُمَّ الْكَافَّةُ عَنِ الْكَافَّةِ، وَالصَّافَّةُ عَنِ الصَّافَّةِ، وَالْجَمَاعَةُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، أَخْذَ كَفٍّ بِكَفٍّ، وَتَمَسُّكَ خَلَفٍ بِسَلَفٍ، كَالْحُرُوفِ يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيَتَّسِقُ أُخْرَاهَا عَلَى أُولَاهَا رَصْفًا وَنَظْمًا، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ تُعُهِّدَتْ بِنَقْلِهِمُ الشَّرِيعَةُ، وَانْحَفَظَتْ بِهِمْ أُصُولُ السُّنَّةِ، فَوَجَبَتْ لَهُمْ بِذَلِكَ الْمِنَّةُ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَالدَّعْوَةُ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ بِالْمَغْفِرَةِ، فَهُمْ حَمَلَةُ عِلْمِهِ، وَنَقَلَةُ دِينِهِ، وَسَفَرَتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمَّتِهِ، وَأُمَنَاؤُهُ فِي تَبْلِيغِ الْوَحْيِ عَنْهُ، فَحَرِيٌّ أَنْ يَكُونُوا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَوَفَاتِهِ.
وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنَ الْأُمَمِ مَرْجِعُهَا إِلَيْهِمْ فِي صِحَّةِ حَدِيثِهِ وَسَقِيمِهِ، وَمُعَوَّلُهَا عَلَيْهِمْ فِيمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ أُمُورِهِ.” شرح أصول اعتقاد أهل السّنّة والجماعة .


ونحن في هذه السلسلة المباركة نسعى إلى تصحيح هذه المعاني المنحرفة، وبيان زيغ أهل الضلالة ودعوتهم إلى الحقّ الذي سنبيّنه بإذن الله تبارك وتعالى وكذلك تحرير معنى اتّباع الآثار الوارد عن السّلف الكرام، وكذلك ضبط أصول النّظر والاستدلال في كتاب الله وسنّة رسول الله ﷺ، وتحقيق النّظر في حجيّة الإجماع الذي نعتقد أنّه إِجمَاعُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا هُبوط الْوَحْيِ والتّنزيل وأعيذوا من التّحريف والتّبديل حتَّى حَفظَ اللَّهُ عزّوجل بِهِمُ الدِّينَ عَلَى عموم الْمُسْلِمِينَ، ويأتي معنا ردّ إن شاء الله تعالى على النكرانيّين، وكذلك بيان الحال أي بيان حقيقة الإجماع وحدّه الذي أعلم أنّ كثيرا من النّاس لم يتصوّره بسبب بعض الألفاظ التي أطلقها المتأخّرون وكذلك الرّدّ على ببان بحث القياس وبيان فساد مدرسة الرّأي وبيان القياس الصّحيح الذي اعتمده الصّحابة في هذا الباب، ونقول أنّ كثيرا ممّن ضلّ وزلّ في هذا الزّمان يَصْدقُ عليه مارُوي عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ: “أَدْرَكْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَوَعَيْتُ عَنْهُ، وَأَدْرَكْتُ عُبَادَةَ وَوَعَيْتُ عَنْهُ، وَأَدْرَكْتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ وَوَعَيْتُ عَنْهُ، وَفَاتَنِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عُمَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ يَجْلِسُهُ: ” اللَّهُ حَكَمٌ قسْطٌ تَبَارَكَ اسْمُهُ، هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ، حَتَّى يَأْخُذَهُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، فَيُوشِكُ أَنَّ الرَّجُلَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقُولُ: قَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَمَا بَالُ النَّاسِ لَا يَتّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ؟ ثُمَّ يَقُولُ: مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتدعَ، فَإِنَّ مَا ابتدعَ ضَلَالَةٌ” الإبانة الكبرى. وكذلك حال الناس في هذا الزّمان يقولون ماهم بمتّبيعيّ حتى أبتدع لهم غيره أو يبتدعوا الضّلالة فيتّبعه النّاس على هذه الضّلالة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعصمنا من الأهواء والفتن.

▪▪▪نقف هنا سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ▪▪▪

°°°يتبع بالجزء الثّاني إن شاء الله°°°

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى