شبهات وردود
أخر الأخبار

البعض يزعم أنكم تكفرون بالأوراق الثبوتية بالمطلق وتكفرون بالوظائف بالمطلق فما ردكم أحسن الله إليكم؟

سؤال : البعض يزعم أنكم تكفرون بالأوراق الثبوتية بالمطلق وتكفرون بالوظائف بالمطلق فما ردكم أحسن الله إليكم؟

الجواب : أقول وبالله أستعين أنَّ كل مفلس عاطل عن الحجة والبرهان يُحسن تلفيق الدعاوى وإلحاق التهم المعلبة والدعاوى الجاهزة لتشويه الدعاة إلى الله تعالى والطعن في هذه الدعوة المباركة الطيبة، ولو كان قائل هذه المقالة مُنصفاً مُحترماً لعقول من يسمع أو يقرأ له لوضع تحت هذه الدعاوى وغيرها ــ مما يفترى به الكذب ويتحراه ــ ما يؤيدها من كلامنا، فالمنصف ينقل من كلام من يجرحه ويطعن فيه ما يؤيد مقاله من كلام المجروحين، أما المفتري فيرمي بالتهم جزافاً اختلاقاً ليُشنع على أهل الحق بغير حق لدسيسة في قلبه … وفي هذه القناة المباركة من الكتب والرسائل والصوتيات ما لو بحث لوجد الجواب الكافي بالحجة والبرهان على ما يزعم فيه من الفرى والبهتان، ولكنه الافتراء والطعن بقصد تشويه الدعاة إلى الله تعالى والتنفير عن هذه الدعوة المباركة التي هي بفضل الله شوكةٌ في حلوقهم، وذلك حتى تخلو لهم الساحة العلمية كما مضى فيقولوا في دين الله بغير علم  ويخبصوا في مسائل الدين ما شاءوا، فقد كانوا معاول هدمٍ للدعوة والتنفير عنها بشططهم وجهلهم ومازالوا.   
ولقد سُئلنا في هذه السلسلة الطيبة في العدد رقم ١٣ في السؤال رقم ١٠ عن كتاب الجنسية في الميزان الشرعي هل المقصود به الهوية العادية من كافة الدول والحكومات الطاغوتية أم المقصود به التجنس بجنسية البلد التي ولدت فيه؟   فكان جوابنا كالتالي:
نقول لقد حددنا ماهية الجنسية في الكتاب المشار إليه وهي: علاقة قانونية سياسية تربط شخصا بدولة، وهي رابطة قانونية لأنها تحدد ما للفرد من حقوق وما عليه من التزامات وبالعكس تحدد ما للدولة من حقوق وما عليها من التزامات تجاه الفرد … وهذا سواء أكان من الدولة التي ولد فيها أو دولة أخرى فلا فرق بينهما في الحكم، ولما كان التجنس يلزم منه ــ لا محالة ــ  ولاء المرء للدولة التي يحمل جنسيتها وخضوعه لنظامها وقوانينها ولو بالقهر على ذلك، ويصبح حامل الجنسية واحداً من جملة المواطنين له ما لهم وعليه ما عليهم تجري عليه الأحكام والقوانين الوضعية … كان استخراج الجنسية يُعدّ موافقة ضمنية على قبول النظام السائد في تلك البلاد والخضوع له والاحتكام إلى قوانينه وأعرافه، وعليه فمن استخرج الجنسية في جميع الأنظمة الديمقراطية فقد قَبِل بحكم الطاغوت وانقاد له، فالتجنس يتضمن الموافقة الظاهرة على تحليل الحرام وتحريم الحلال والتشريع الوضعي وتبديل الشريعة بالقوانين الوضعية وإنكار ما عُلم من الدين بالضرورة.

     ومقتضى التجنس هو القبول بالمشاركة في العملية السياسية التي هي الحكم والتشريع من دون الله، والمشاركة في جيش الدولة المانحة للجنسية والدفاع عنها وهو في حقيقة أمره وعدٌ بالنصرة، وهذا من أعظم الموالاة للمشركين، والنصوص الشرعية طافحة بتكفير من فعل هذا، وقد سمى الله من أظهر الموالاة للمشركين خوفاً من الدوائر منافقاً فكيف بمن كان جندياً عند دولة طاغوتية متعهداً بنصرتها متى احتاجت للنصرة.

أما باقي الأوراق الثبوتية كالهوية وغيرها فينظر فيها باعتبارات متعددة لم يتطرق لها كتاب: الجنسية في الميزان الشرعي … وهي أقرب ما تكون قضايا أعيان ينظر فيها في فقه الحال ويختلف حكمها من شخص لآخر ومن بلد لآخر والله تعالى أعلى وأعلم.

وسئلنا عن الكملك ــ وهو من الأوراق الثبوتية ــ في العدد رقم ١١ السؤال رقم: ١ فكان جوابنا كالتالي:

أقول أنَّ الكملك هو بطاقةٌ للحماية المؤقتة للهاربين من مناطق الصراع في سوريا، وهو في معنى الجوار في أصل وضعه، قال البخاري: بَابُ جِوَارِ أَبِي بَكْرٍ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَعَقْدِهِ ـــ وروى بسنده ـــ عن عُرْوَة بْن الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ القَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ، فَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، فَإِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلاَدِكَ، فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ

قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبَا بَكْرٍ “.
ولا يترتب على الكملك ما يترتب على الجنسية من حقوق المواطنة وواجباتها وتبعاتها، وعليه إذا لم يكن في استخراج الكملك توقيع على شروط كفرية أو تعهد على الالتزام بها وكان للمسلم أو المسلمة ضرورة في استخراجه لاتقاء شر الطواغيت ومكرهم فيُرخص له في ذلك. 
فهل من يفتي بهذه الفتاوى يقول بالتكفير بالأوراق الثبوتية بإطلاق!!! … سبحانك هذا بهتان عظيم.

وتكلمنا على الوظائف في هذه السلسلة المباركة في العدد ٤ السؤال رقم ١ ما حكم العمل عند الكافر؟ وما حكم العمل في المؤسسات الطاغوتية ؟ وكان التفصيل كالتالي:

نقول أنَّ هناك فرق بين العمل في المؤسسات الطاغوتية والعمل عند الكافر وهذا تفصيله:

فالعمل عند الكافر أو معه: بأجرة أو بعقد شراكة الأصل فيه الإباحة، وذلك للنصوص الواردة في جواز التجارة مع الكافر ومنها الإجارة والشراكة والرهن والوديعة ونحوها كبناء جدار، أو شركة في سلعة مباحة أو أداء وديعة أو ما أشبه ذلك من الأعمال المباحة، ويدل على هذا الأصل أن النبي مات ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير، ومؤاجرته رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ وكان على دين قومه ليدل به إلى المدينة، وعامل يهود خيبر على عمل أرضها وشجرها بنصف ما يخرج الله عز وجل من ذلك، وورد أن علي بن أبي طالب قال: “لما خرج رسول الله ﷺ إلى المدينة في الهجرة ، أمرني أن أقيم بعده حتى أؤدي ودائع كانت عنده للناس”، والودائع من جملة العقود فأداها النبي ﷺ لأهل مكة من المشركين، ويدل عليه كذلك ما ورد في حديث كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ [ يَوْمًا، فَرَأَيْتُهُ مُتَغَيِّرًا قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا لِيَ أَرَاكَ مُتَغَيِّرًا؟ قَالَ: «مَا دَخَلَ جَوْفِي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ ذَاتِ كَبِدٍ مُنْذُ ثَلَاثٍ» قَالَ: فَذَهَبْتُ فَإِذَا يَهُودِيٌّ يَسْقِي إِبِلًا لَهُ، فَسَقَيْتُ لَهُ، عَلَى كُلِّ دَلْوٍ تَمْرَةٌ، فَجَمَعْتُ تَمْرًا، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ [ فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ لَكَ يَا كَعْبُ؟» ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ [: «أَتُحِبُّنِي يَا كَعْبُ؟» ، قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ، نَعَمْ» الحديث.

ويستثنى من هذا الأصل ما كان من عمل المسلم عند الكافر متضمناً للمداهنة على حساب الدين فضلاً عمن ينقض أصل الولاء والبراء، أو كان العمل في ذاته غير مشروع أو كان المسلم في موضع إذلال وسخرية واستهزاء فلا يجوز العمل عنده لما فيه من تعظيم الكافر وقد أذله الله وأخزاه وتحقير المسلم وقد أعزه الله وأعلاه، كما قال تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة ٢٩]،  أما إذا خلا من ذلك فهو معاملة جائزة أو إجارة مباحة إذا سلم أصل الولاء والبراء واجتُنبت المحاذير التي سلف ذكرها وما يأتي بيانه من الخضوع والانقياد للقوانين واللوائح الوضعية.

أما العمل في المؤسسة الطاغوتية: فهو من أعظم مظاهر العبودية المتمثلة في الخضوع والطاعة للوائح الصادرة من هذه المؤسسات المصادمة لشريعة الله تعالى، حيث لا تقبل هذه المؤسسات الموظفين للعمل فيها إلا بشرط القبول بهذه القوانين والالتزام ببنود ها التي لا تخلو من قوانين تصادم ما أنزل الله تعالى من تحريم الحرام وتحليل الحلال، فالدخول في هذه المؤسسات هو دخول في طاعة القانون الوضعي والخضوع لتكاليفه وهو معنى العبادة له حيث أن الطاعة حقٌ خالصٌ لله ﷻ كما سبق بيانه بأدلته في غير ما موضع في كتبنا.

فعندما تكون شريعة ونظام عام ومكلفون أو مخاطبون بهذا التكليف داخلين تحت أحكامه ــ وهم الموظفون ــ لابد من النظر إلى الشارع أو المكلِّف قبل النظر إلى الشريعة أو التكليف، فإذا كان الشارع هو الله جل جلاله فيكون التكليف هو السمع والوحي ويكون القبول والالتزام والاستسلام لشرع الله هو الإسلام، وأما إذا كان الشارع أو المكلِّف غير الله عز وجل فلا يقبل منه أي تكليف أو تشريع … ومن قبل تكليفاً واحدا من هؤلاء المشرعين فهو كافر بالله العظيم، فالعمل في المؤسسات الطاغوتية ــ بقطع النظر أن كانت مدنية أو عسكرية ــ التي تلزم العاملين بشريعة وقوانين عمل طاغوتية هو كفر مجرد، فعموم الداخلين تحت هذا التكليف من الموظفين ظاهرهم قبول هذا التشريع وهو ظاهر من ينخرط داخل مؤسسات الطاغوت، فلا يدخلها للعمل فيها إلا تحت ضابط الدخول تحت تكاليف

الطواغيت وقبولها جملة والانقياد لها، فعامة هؤلاء العاملين في هذه المؤسسات العلمانية طائعين منقادين لها تجري عليهم أحكامها اختياراً، وهم يعلمون سلفاً أن لهذه المؤسسات شرائع وأنظمة ولوائح وضعية تخاطب كافة العاملين في هذه المؤسسات، ويُلزمون بها ويخضعون لها، ويعلمون كذلك أن من سَنَّ هذه التشريعات وقرر هذه اللوائح طائفة من البشر لم يهتدوا بهدي الله، ولم يردوا أمرهم إلى شريعة الله، وإنما مردهم إلى الأهواء والمصالح التي قد تتفق أحياناً مع شريعة الله، وكثيرا ما تضاد أحكام الله وتأمر بمعصية الله، فهم بدخولهم في هذه المؤسسات قد عقدوا معها عقوداً فيها دلالة ظاهرة على  قبولهم للتكليف ومتابعتهم لنظام كفري وطاعتهم للطواغيت المشرعين في أمرهم ونهيهم، فهؤلاء ليسوا محل نزاع  ولا يشك في كفرهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم.

ولتوضيح المسألة أكثر نقول أن المؤسسات الطاغوتية بشكل عام لها إدارات تقوم بفرض قوانين داخلية ولوائح عامة على جميع الموظفين، فلا يسوغ لهم مخالفتها ويجب عليهم متابعتها والخضوع لبنودها جملةً وتفصيلاً … ولا يتم الدخول والشروع في العمل بها إلا بعد الموافقة على ذلك بين الراغبين في العمل من جهة وبين الإدارة المكلفة بتنظيم شؤون المنخرطين فيها من جهة أخرى … حيث لا يُقبل بأي شخص داخلها لا يلتزم ببنود نظام هذه المؤسسة التي لا تخلوا من توجيهات وقوانين تتعارض مع الشريعة الغراء  من كفر وشرك وفواحش ومنكرات، والمسلم يخضع لأمر الله وحده دونما سواه ويتلقى منه الأمر والنهي والحكم والتشريع وهذا ينافيه الخضوع لنظام وضعي من صنع البشر مخالف لأمر الله تعالى.

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى