السلاسل العلميةسلسلة الكواشف الجلية في الرد على شبهات الشعائرية

الشبهة الثالثة: قولهم أن التكفير بالعموم يلزم منه تكفير أنفسنا لأننا نقيم في ديار الكفر : الدّرسُ الثَّانِي : الجزءُ الثَّانِي

الشبهة الثالثة: قولهم أن التكفير بالعموم يلزم منه تكفير أنفسنا لأننا نقيم في ديار الكفر

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين…

الشبهة الثالثة في مبحث التكفير بالعموم قولهم: أن التكفير بالعموم يلزم منه تكفير أنفسنا لأننا نقيم في ديار الكفر.
ونقول أن هذا اللازم انقدح في ذهنهم لعدم التفريق بين الظاهر والباطن وهو أصل الاشتباه، وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى في هذه السلسلة بيان أن الباطن لا تتعلق به الأسماء والأحكام البتة، لأن الباطن ليس محلا لتعلق الأسماء والأحكام في الدنيا، ومحل تعلق الأسماء والأحكام هو الظاهر، إلا إذا ظهر هذا الباطن واستعلن به فيأخذ حكمه عند ذلك، فالمسلم في ديار الكفر له حالتين:
الأولى: إما أن يكون المسلم من القلة الظاهرة بدينها أي قد أظهر إسلامه وانتمائه، فهذا الحكم عليه يكون بمقتضى هذا الظاهر فهو مسلم ظاهرا وباطنا كما سبق معنا في القلة الظاهرة بدينها، والتمثيل لها بطائفة الرسل وأتباعهم من المؤمنين.
الحالة الثانية: إما أن يكون المسلم مستخف بإيمانه يعني يكون من القلة المستخفية بإيمانها وهو مسلم في حقيقة الأمر، يعني مسلم باطنا في نفس الأمر أما ظاهره فهو من ظاهر قومه لاستخفائه بدينه، طبعا من لا يعرفه في دار الكفر حتما سيلحقه بقومه لأنه لا يستطيع أن يشق على قلوب الناس في دار الكفر ليعرف الكافر من المسلم، وهذا لا شك أنه من التكليف بما لا يطاق، سبق معنا في التدليل على ذلك قوله تبارك وتعالى: {لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم} قلنا لأنهم كانوا مستخفين بإيمانهم فلا يستطيع المسلمون التمييز بينهم وبين الكفار إذا دخلوا على مكة مقاتلين.
والأصل أن الذي يعيش في دار الكفر أنه عاصٍ بمجاورة الكافرين، فإن لم يظهر بينهم الإسلام ألحق بهم “وكذلك يلقى من يساكن أهل الحرب في ديارهم” كما قال ذلك أبو بكر رضي الله عنه فيما روي عنه في السير في أحد المعارك أنه قتل رجلان كانا قد أسلما ومعهما كتاب من الصديق بالأمان ولم يعلم بذلك المسلمون وهما عبد العزى هذا قتله جرير بن عبد الله البجلي، والآخر لبيد بن جرير قتله بعض المسلمين فلما بلغ خبرهما الصديق وداهما وبعث بالوصاة بأولادهما، وتكلم عمر بن الخطاب في خالد بسببهما كما تكلم بسبب مالك بن نويرة فقال له الصديق: كذلك يلقى من يساكن أهل الحرب في ديارهم” البداية والنهاية. فهما رجلان أسلما ثم أقاما بين ظهراني المشركين ولم يعلم بهم المسلمون فقتلوهم تبعا، فلما بلغ ذلك أبو بكر وكان قد كتب لهما كتابا بإسلامهما فوداهما فلما تكلم عمر بن الخطاب بسببهما قال له الصديق كذلك يلقى من يساكن أهل الحرب في ديارهم يقول ابن كثير: أي الذنب لهما في مجاورتهما المشركين وهذا كما في الحديث ( أنا بريء من كل من ساكن المشرك في داره) وفي الحديث الآخر( لا ترى نارهما ) أي لا يجتمع المسلمون والمشركون في مَحِلَّةٍ واحدة”، كذلك في هذا الباب ماروي عن جرير بن عبد الله قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهما بنصف العقل وقال( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين) قالوا يا رسول الله لِمَ؟ قال: ( لا تراءى نارهما ) روان أبو داود والترمذي. فمن أراد العصمة لدمه وماله فدار العصمة هي دار الإسلام، فهي التي تعصم فيها الدماء والأموال فالناس في دار الإسلام يؤصل فيهم الإسلام ظاهرا، كما روى أبو القاسم اللالكائي بسنده عن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليها العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذاهبهم قولهم والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم” شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. وقوله هذا إنما يجري في دار الإسلام، فالناس في دار الإسلام مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم، واليوم لا يوجد دار إسلام والله المستعان، ولا ثمة مأوى للمستضعفين، والمسلمون في هذا الزمان في شتات وضعف وتفرق لم يسبقوا إليه والله المستعان، وهذا الواقع لا بد أن يسعى المسلمون حثيثا في تغييره بإقامة الجماعة المسلمة التي تكون ملاذا لهؤلاء الغرباء.

  • • • نقف عند هذا • • •
    🖋سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

🖋 انتهى الجزء الثاني من الدرس الثاني.

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى