السلاسل العلميةسلسلة تعلموا الإسلام

مناطات كفر الشعوب العربية: الدرس العاشر والأخير

سلسلة تعلَّموا الإسلام | لفضيلة الشيخ محمد بن سعيد الأندلسي - حفظه الله تعالى الدرس العاشر والأخير _ مناطات كفر الشعوب العربية

  بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد :

   فلا يزال الحديث في شرح حقيقة الإسلام، ونذكر ها هنا بحول الله وقوته في خاتمة هذا الشرح أشهر المناطات التي تلبست بها هذه المجتمعات الجاهلية .

  -حتى يعرف المكلف المنصف أن قومه قد نقضوا الإسلام الذي سبق تقريره بأركانه الثلاثة، فالناظر في مثل هذه المجتمعات يرى ذلك جليا، فالذي عرف الإسلام بحده الصحيح يجد أن عموم الأقوام في هذه الديار قد تلبست بمناطات كثيرة جدا، وأن هذه المكفرات إنما هي مكفرات ظاهرة منتشرة مستفيضة مشتهرة بينهم لا تخفى على العيان، ولا يخفى عليه ذلك إلا مَن جَهِل التوحيد، وجحد الحق أو كابر وعاند في ذلك.

     من هذه المناطات المنتشرة المشتهرة في هذه الديار: أن هذه الشعوب ما هي إلا طوائف ممتنعة عن دين الله وعن تحكيم شريعة الله تبارك وتعالى، أو طوائف ممتنعة بهذه الجيوش الطاغوتية عن تحكيم الشريعة، وعن إقامة الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك ممتنعة عن التوحيد بالله جل وعلا ، كيف ذلك؟ نقول: أن في هذه الديار قانون النصر،  أو الخدمة الوطنية، أو ما يسمى في بعض البلدان ‘خدمة العلم’ وهو واجب مقدس عند جميع الأفراد في مثل هذه المجتمعات، فالرجال في هذه الديار يجندون تجنيدا احتياطيا نصرة للطواغيت حتى يستعملهم الطاغوت متى ما احتاج إليهم في قتال من خرج على دينه وسلطانه، فصار الناس في عموم هذه الديار ما هم إلا طوائف ممتنعة فٳذا استنفرهم الطاغوت لقتال من خرج على سلطانه ينفرون ويقاتلون.
   – وكذلك الأمر قبل كانت الناس والقبائل وكذلك العشائر ٳذا استُنفِرَت القبيلة نفر رجالها فقاتلوا وكذلك ذبوا عنها وذبوا عن حياضها، كذلك هنا فالطاغوت يٲتي بشبان في سن الثامنة عشرة والعشرين فيهيؤهم تهيئة قتالية أو نفسية … فيربيهم تربية طاغوتية ويعلمهم استعمال السلاح، ويربيهم على العسكرة، ثم يرسلهم فٳذا احتاج إليهم يستدعيهم ليلبوا النداء .. سواء يلبون النداء أو يٲتي بهم قصرا، أو يتتبعهم في الحواجز ونحو ذلك … فصار الحال أن هذه الشعوب ما هي إلا طوائف ممتنعة عن دين الله تبارك وتعالى، لماذا؟ لٲن الجيش هو جيش شعبي وطني، فقوامه من هذه الشعوب، والطوائف الممتنعة هي كافرة بٲعيانها وهذا بٳجماع الصحابة وحكى الٳجماع ٲبو عبيد القاسم كما سبق معنا.
   – كذلك نقول أن دار الممتنعين عن شريعة من شرائع الدين هي دار حرب باجماع، كما قال صاحب الإقناع في كتابه: “أجمع العلماء على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام، فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله، كالمحاربين وأولى”، فيجب قتالها لأنها طائفة امتنعت من شريعة من شرائع الدين، وقومنا قد امتنعوا من توحيد الله تبارك وتعالى.
كذلك من الشواهد على ذلك قوله جل وعلا: «وقاتلوهم حَتَّىٰ لَا تكون فتنة ويكون الدين كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فإن اللَّهَ بِمَا يعملون بصير»، يقول مجاهد: «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة”، قال: “يَسَاف” و”نائلة”، صنمان كانا يُعبدَا”، ومثل ياساف ونائلة يعني معبودات تعبد من دون الله وفي هذه الديار، فموجود قبور أكثر من عدد المساجد في بعض البلدان، ولا شك ولا ريب أن رواد القبور كالست زينب، والبدوي، وعبد الرحمن الثعالبي، وعبد القادر الجيلاني … رواد هذه القبور والمزارات والمشاهد أكبر بكثير من رواد المساجد فهي معبودات من دون الله جل وعلا قائمة في هذه الديار … محمية بسيف القوم تعبد من دون الله تبارك وتعالى.
  -كذلك صروح الكفر والشرك المحاكم، والبرلمانات ونحو ذلك … من مظاهر الكفر والشرك ، فمحاكم الطاغوت مثل ياساف ونائلة، وكذلك البرلمانات هذه التي تشرع القوانين والنظم مثل يساف ونائلة: «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة» قال: “ياساف ونائلة صنمان كانا يعبدان”، فٳذا وجدت في قرية صنما أو قبرا أو مشهدا يعبد من دون الله فاعلم أن هؤلاء القوم ليسوا في دين الله تبارك وتعالى, ولو كان القوم مسلمون لهدموا صروح الكفر والشرك بالله تبارك وتعالى, وقد سبق معنا في الاستسلام لله بتوحيد الألوهية أنه: يحكم للقوم بٲنهم مستسلمون لله بتوحيد الألوهية إذا أفردوا العبادة لله جل وعلا وهدموا القباب، والقبور، والمزارات وكل ما يعبد من دون الله جل وعلا، وذكرنا حادثة النبي ﷺ لما دخل الى مكة فجعل يكسر الأصنام بيده ويقول: «وقل جآء الحق وزهق ٱلۡبَٰطل إن ٱلۡبَٰطل كان زهوقا».

    -هذه الشعوب هي طوائف ممتنعة، كيف طوائف ممتنعة؟ لأنها أفراد تدخل في الجندية عند الطاغوت وهذا يشمل كل المواطنين، وهذا متقرر في جميع دساتير الدول العربية، فكل أهل تلك الدار يحملون لهذه الخدمة، ويجهزون على القتال وعلى التربية الطاغوتية، فمن غايات هذا التجنيد هو تربية المواطن على عبادة الوطن والفداء له،

والقتال في سبيله، والإعداد لذلك وكلها معاني تغرس في المدارس وكذلك في هذه الثكنات … فهم جنود في حقيقة أمرهم، لأنه إذا استدعاه بعد ذلك يأتي فيقاتل معه عدو الوطن وهو عدو الدين.

      كذلك من المناطات المنتشرة المشتهرة في هذه الديار هو شرك الحاكمية … الشعوب هي الحاكمة من دون الله جل وعلا في هذه الديار … وهذا هو العنوان: من الشعب وإلى الشعب، فالشعب هو مصدر السلطات الثلاثة في الديانة الديمقراطية التي هي: التشريعية، والقضائية، والتنفيذية … فالشعوب هي نفسها حاكمة من دون الله تبارك وتعالى، فهي التي تختار الطاغوت، هي تختار من ينوبها في البرلمان، وهذا المعلم من أبرز معالم الجاهلية، وهذا المعلم في هذا الزمان ظاهر جدا وبارز يتمثل في: هذه الجامعات التي تدرس القانون الوضعي كجامعة الحقوق وهي جامعة لتخريج المحامين والقضاة والسياسيين الوضعيين، كذلك البرلمانات فهي نصبت لسن القوانين والنظم، كذلك المحاكم إنما نصبت للحكم بما شرعه هؤلاء الطواغيت في هذه البرلمانات، وهذه المعالم هي ظاهرة في كل الديار فتجد هذه الجامعات … تجد صروح الكفر … المحاكم وهذا لا شك أنه أكثر بروزا في هذا الزمان، وتنظيما، وترتيبا ونحو ذلك … وقد كان هذا في الزمان الأول في قوم قريش حيث كانوا يجتمعون في دار الندوة ويستمع رؤساء الناس ووجهاءهم وأعيان القبائل … فيجتمعون ويقررون الأحكام، ويعقدون الأحلاف ونحو ذلك مما يجري في مثل هذه الدار … كذلك العقود وما يتعلق بها، أما في هذا الزمان فلا شك أن جاهلية العصر أجلى في الكفر وعبادة البشر، وتعبيد العبيد لهؤلاء العبيد، فهي عبودية ظاهرة في أن هؤلاء الناس هم عبيد للطواغيت في الطاعة والحكم والاتباع والتشريع وهذا أصل من أصول الشرك في العالم كما سبق معنا في هذه السلسلة، كذلك من مظاهر الكفر المنتشرة المشتهرة وهي أظهر المظاهر هذه كلها وداخلة فيما سبق معنا من شرك الحاكمية هو: شرك الطاعة والاتباع للنظم الوضعية عند عموم الناس … فعموم الناس إنما هي متبعة لهذه النظم، وصورتها: أن الناس قد اتخذوا الطواغيت ‘يشرعون لهم الأحكام’، والشعوب هي التي اتخذت امتثلت للقوانين الصادرة من هؤلاء المشرعين الوضعيين دون مكابرة، أو دون رفض عام، أو دون عصيان عام، فالشعب انتخب نوابا له في التشريع ويتبعهم فيما يسنون له الشرائع والأوضاع يقول الشنقيطي: “الذِينَ يَتَّبِعُونَ الْقَوَانِينَ الْوَضْعِيَّةَ التِي شَرَعَهَا الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَوْلِيَائِهِ مُخَالَفَةً لمَا شَرَعَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، أَنَّهُ لَا يَشُكُّ فِي كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ إِلَّا مَنْ طَمَسَ اللَّهُ بَصِيرَتَهُ، وَأَعْمَاهُ عَنْ نُورِ الْوَحْيِ مِثْلَهُمْ” فعموم الناس في مثل هذه الديار منقادة لتلك القوانين والشرائع دون مناكفة، أو مدافعة، أو قتال، أو جهاد … بل ظاهرهم القبول، والإقرار، والعمل بمقتضى هذه التكاليف، والعيش … فالناس إنما هم في سكون، ويعملون بمقتضى هذه القوانين التي تصدر من هؤلاء الطواغيت … فهي قوانين نافذة تسري على المشركين، وهم من صنع الطواغيت لأن في دين الديمقراطية الشعب هو الحاكم وهو الذي ينصب الطاغوت وهو الذي ينزع الطاغوت، فمن رضي عنه تركه، ومن سخط عليه خرج ونزعه، كما وقع الأمر في الربيع العربي قديما … خرج الناس بالملايين في ساحات يسمونها : ساحات الحرية لخلع الديكتاتوريين، وتنصيب طواغيت يحكمونهم كما يريدون ويشتهون، فالناس اليوم إذا نظرت إليهم عرفت أنهم قد دخلوا في دين الديمقراطية عن بكرة أبيهم.
  -كذلك الناس إذا نظرت إليهم وجدت أنهم قد أظهروا الموافقة، والقبول، والاتباع للطواغيت، وأوضاع الطواغيت وقوانينهم وأحكامهم … فالناس قد دخلوا في دين الطواغيت أفواجا، فالتحقوا بمدارسه وجامعاته، وتوظفوا في مؤسساته وقطاعاته، وانتسبوا إلى الوطن … لهم حقوق المواطنة وعليهم واجباتها ومنها: الدفاع عن هذا الوطن كما سبق معنا والإعداد لذلك بالخدمة الٳلزامية، كذلك المشاركة في العملية السياسية كالانتخابات ونحو ذلك …، كذلك إقامة أركان الطاغوت في هذه الديار ويسمونها بناء الوطن، فالمواطنون بهذا الاعتبار ٳنما هم مشركون … فالانتساب للوطن بهذه المفاهيم هو انتساب إلى الجاهلية ودخول في دين الديمقراطية.

-كذلك من مظاهر الشرك العام التي يشترك فيها عموم الناس ‘الانتخابات’ : فتجد أن من يشارك في الانتخابات أكثر من خمسين بالمئة، فلو كانت أقل من خمسين تكون انتخابات ملغاة فمن شرطها أن تكون أكثر من خمسين بالمئة، فالإنتخابات هي معلم واضح على كفر عموم الناس لأن الانتخاب هو قبول التكليف ورضى بهذا الطاغوت ولا شك في ذلك ولا ريب … يذهب وينتخب زيدا أو عبيدا أو فلانا وكلهم طواغيت كلهم حاكمين بغير شرع الله تبارك وتعالى … فاختيار هؤلاء الحكام الذين يترشحون للحكم بغير ما أنزل الله إنما هو كفر بواح ولا يشك في هذا الكفر إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي.

فلا يشك في كفر المنتخبين مسلم عاقل، فهذا المعلم هو معلم عام لذلك يسمونه الدولة الجمهورية تحكم بمقتضى الجمهور، فالجمهور هو الذي يحكم الجمهورية الديمقراطية ‘ومعنى الجمهورية’: أن الجمهور هو الذي يحكم … إذا فالجمهور والعموم كافر ولاشك ولاريب لأن الجمهور هو الذي يحكم الدار، والفرد إنما هو يتبع الأعم الأغلب ويأخذ حكم للأعم الأغلب، والقوم مشركون بالله جل وعلا والعين تتبع القوم في هذا الحكم، وهذا من أظهر أحكام الشريعة ومن أبين أحكام الشريعة، فالطواغيت يحكمون أو يترشحون بعد حملة انتخابية يمرون بها على جميع القرى والمحافظات فيعرضون عليها البرامج الانتخابية ثم الشعب بعد ذلك يختار بالتصويت على من يرتضيه حاكما.

   -كذلك مما استفاض من الكفر في مثل هذه الديار في عموم الناس هو: فشو التجهم وتعطيل الصفات، وحصر الكفر بالله عز وجل في القلب بالمعرفة والاعتقاد كما هو دين الجهمية، وكذلك ما في العلو عن الله تبارك وتعالى الواحد القهار وغير ذلك من عقائد الأشاعرة الجهمية، وهذه العقائد تدرس في المساجد والمعاهد والجامعات ونحو ذلك … وهي العقيدة الرسمية المعتمدة في هذه الديار ومعتمدة في المقررات الدراسية والمعاهد والجامعات والمساجد، فتجد أن العقيدة الاشعرية هي: العقيدة المقررة، والناس ترى أعيان الأشاعرة متقدميهم ومتأخريهم أئمة وعلماء وتذب عنهم، كما وقع مؤخرا فوجدنا أن عموم الناس ترى أن هؤلاء أئمة لها وهذا لا شك أنه انحراف عن الفطرة السوية، لأن الأشاعرة ينكرون علو الله جل وعلا على خلقه ‘فكيف يكون من أنكر شيئا معلوما من الدين بالضرورة، وأنكر علو الله جل وعلا إماما للناس؟!، كذلك من أظهر المسائل التي يحكم بها المسلم على عموم الناس بالكفر في هذا الزمان ويمكن تنزيلها بطريقة استقرائية (يعني: تتبع الجزئيات للحكم على الكليات) فلو تبعت الجزئيات أو تتبعت الأفراد في هذه الديار تجد أن عموم الشعب قد تخرج من مدارس الطاغوت، فكل هؤلاء الناس الذين تراهم درسوا في مدارس الطاغوت دراسة بشكل إلزامي في هذه المدارس فلا يشذ عنها أحد إلا من رحم الله تبارك وتعالى ممن أنجاه من هذه المدارس وأنجى أولاده من فتنة هذه المدارس، وكل من نشأ في هذه الديار أو في هذه البلاد يعلم قيمة التدريس عند عموم المشركين … فالتدريس في المدارس شيء عظيم عندهم ومقدس، فيرون أن مستقبل الأولاد كله في الدراسة، لذلك لا يكاد يَشُذ أحد عن هذه المدارس … أنت في حيك ومدينتك وكل من تعرفه قد درس في هذه المدارس والناس تعظم ذلك تعظيما شديدا، إذا فأفراد هذه الشعوب هي خريجة المدارس شبابهم … وكهولهم … وشيوخهم … وذكورهم … ونسائهم كلهم خرجوا من هذه المدارس التي هي مسالخ للفطرة ودور لترسيخ الديانة الطاغوتية، وهذا وارد في المقررات، مثلا يقولون في ميثاق حقوق الإنسان: وهذا الميثاق هو الميثاق الذي يحكم العالم كله بعد الحرب العالمية الثانية، فبعد الحرب العالمية الثانية وضعوا المواثيق والمعاهدات التي تحكم العالم كله، منها قولهم فيه: “يجب أن يستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية”، إذا الغاية من التعليم كما هو معلن في مواثيقهم وعهودهم هو تربية الأطفال على أصول الكفر المقررة في النظام العالمي الجديد … من الغايات هو مسخ عقيدة الولاء والبراء (يعني: احترام حقوق الإنسان، والحريات الأساسية) … مسخ الجهاد والولاء والبراء، وتخريج جيل علماني يؤمن بالطاغوت ويقدس الأوثان، ويكفر بالله تبارك وتعالى … مدارس الطاغوت في هذا الزمن هي دور لمسالخ الفطرة السليمة وترسيخ مبادئ طاغوت العصر والوثني القومي الذي هو الديانة الديمقراطية كما جاء في مواثيق الكفار وليس هذا مقام سردها، وهي معروفة مشهورة ذكرتها في كتاب الهداية، وكذلك في كتاب مدارس الطاغوت… وبالإضافة إلى المكفرات الأخرى في مثل هذه المدارس كالوقوف تعظيما للعلم الذي هو ‘شعار الديانة الوطنية’ .. الوقوف له قنوتا وتعظيما في كل صبيحة يبدأ الطلاب الورد بعبادة الوثن هذا الذي هو العلم، فيقومون له دقيقة صمت لا يتحركون في قنوت وتعظيم له ثم يسمعون النشيد … هذه المراسيم والأمور التي تفعل في حقيقة أمرها يكون أثرها في أولئك الصبيان أثرا شديدا … تعمل فيهم روحانيات بالعلاقة بينهم وبين ذلك العلم، لذلك الآن لو تنظر مثلا في الذين يشاهدون كرة القدم ويناصرون هذه المنتخبات، تجده إذا استمع للنشيد الوطني يقف شعره … فيصاب بحالة روحانية شديدة من التعظيم لهذا العلم وهذه المعاني التي تربى عليها منذ صغره، فهو كل يوم يقف إلى هذا العلم في سكون وخضوع ونحوه … ولا شك أن هذا الوقوف عبادة، والوقوف هو من أركان الصلاة كما ذكرت ذلك في بعض الفتاوى.

كذلك الاحتفال بالأعياد الوطنية، وتعظيم الطواغيت العلمانية، والخضوع لأنظمة المؤسسات الطاغوتية، والجلوس في المجالس التي يدرس فيها هذه المناهج مثل: التربية المدنية، وكذلك التاريخ فيه تعظيم الطواغيت والشخصيات التاريخية الطاغوتية، وكذلك دروس الفلسفة ونحو ذلك.. التي هي كفر بالله تبارك وتعالى، فالأولاد يتربون على أصول الكفر ومسخ عقيدة الولاء والبراء، فآثار المدارس على الأولاد هي في غاية السوء، وهي سلخ للفطر السوية، وانحلال للأخلاق، وتشبع بالمبادئ الديمقراطية … ويدرسون في اختلاط وهذا لا شك يولد انحلالا في الأخلاق.

  -كذلك في هذه المدارس تطمس الهوية الإسلامية فيندمج الأطفال في هذه المجتمعات الجاهلية منذ نعومة أظفارهم … فالتعليم يغرس فيهم هذه المعاني … ففي كل المقررات تجد هذه المعاني في الرياضيات والفيزياء وغيرها … فتجد معاني حب الوطن، وتعظيم الوطن، والبذل للوطن، والخضوع لقوانين الوطن، كذلك موالاة للمشركين، ونزع الفوارق (كافر ومسلم) فهذه الفوارق كلها تنزع … كذلك حرية الأديان … حرية الاختيارات … عدم تفريق بين الدين والدولة،فالدين إنما يكون في تعبدات أما أنت كشخص فأنت حر تفعل ما تشاء … هذه كلها تغرس في الولد، لذلك ترى الأجيال كيف صارت الآن وإلى الله المشتكى، وكله أنك ترسل فلذة كبدك عجينة طرية يشكلها هؤلاء الطواغيت كيفما شاءوا، لذلك من أهم الوزارات ومن أهم الأشياء عند الطاغوت هو التعليم على الاطلاق، فالتعليم يضمن له ٲجيالا خاضعة، لذلك يحرصون على التعليم وينفقون فيه نفقات كبيرة، ولا يطلبون من الأولاد شيئا، فالتعليم مجاني في أكثر البلدان … لماذا مجاني؟ لأنهم يريدون أن يأخذوا الأولاد فيعلمونها هذا التعليم حتى لا يخرجون متطرفين ونحو هذا كما يزعمون .

    -وهذا تنزيل على عموم الديار … إذا فهمت الإسلام هذا الفهم الذي ذكرته لك، وعرفت حقيقة الدين وحقيقة الإسلام الذي جاء به موكب النور، ثم نظرت في هذه الديار فلا يشك عاقل أن العموم في هذه الديار قد خرج من الدين الصحيح إلى الكفر والشرك والوثنية، ونصرة الطواغيت، والجندية في مثل هذه الجيوش، وموالات الطواغيت، وكذلك الناس قد يشاركون في هذه الأحزاب فلو تنظر أن الناس كلها تنتخب إلا من رحم الله جل وعلا، ومن لم ينتخب ممكن يكون معارض أو موافق فالناس بين معارض للأنظمة أو موافق لها، والمعارض إنما هو معارضة للسياسية، حتى في بعض الأحزاب التي تنتسب للإسلام مثل: الإخوان، وجبهة الإنقاذ وغيرها من الأحزاب التي هي واقعة في هذا الشرك والكفر وداخلة في الديانة الديمقراطية، فالناس إلا من رحم الله تبارك وتعالى قد زلت أقدامهم في الشرك والكفر بالله جل وعلا وهذا يعرفه كل من يعيش بين هذه الأقوام، فلو عرفت الإسلام الصحيح ثم نظرت في حيك وأهلك لن تجد أحدا يعرف هذا الذي تعرفه أنت وفتح الله جل وعلا صدرك أو شرح قلبك إليه، فلذلك لابد أن تستمسك بهذا الحق وتعض عليه بالنواجذ، ولا يغرنك هؤلاء السفلة ولا طواغيت العلم في هذا الزمان، لأنهم لا يستطيعون أن يحملوا هذا الحق فيرمونه بأوصاف الخارجية والتطرف، ولا يحتاج النهار إلى دليل، والفطر السوية تقود إلى الحق في هذا الزمان.

   -لذلك تحقيق ملة ابراهيم في هذا الزمن يكون كما أمر الله تبارك وتعالى في كتابه: «قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ» فمن حقق البراءة من قومه ومما يعبدون من دون الله وكفرهم، وعاداهم، وأبغضهم وآمن بالله جل وعلا واستسلم لله بتوحيده كما بينا في هذه السلسلة، ولم يشرك بالله شيئا في العبادة والحكم، والطاعة، والمحبة، واجتنب عبادة الطواغيت واتبع ما أنزل الله جل وعلا، وكان عبدا لله في التلقي والطاعة والاتباع لا عبدا للطواغيت أو وليا للكافرين فهو إن شاء الله تعالى على الخير بإذن الله تبارك وتعالى، فمن أتى بذلك فقد حقق ملة إبراهيم واستمسك بالعروة الوثقى والكلمة الباقية، فلا تكن يا عبد الله ممن أصم آذانه، واتبع شيوخه وخلانه، وتولى بعد ظهور الحق وبيانه، وعاند بعد قيام الحجة عليه فاستوجب عذابه والعياذ بالله … فلا تكن ممن قال الله عز وجل فيهم: «ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِى غِطَآءٍ عَن ذِكْرِى وَكَانُواْ لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا»، قال قتادة: “كانوا عميا عن الحق فلا يبصرونه صما عنه فلا يسمعونه” … تب إلى الله تبارك وتعالى، وحقق الاسلام الذي به النجاة في الدنيا وفي الاخرة فإنها نار أبد الآباد، نار يقول الله تبارك وتعالى فيها لأهلها: «اصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»، فإذا أسلمت إن شاء الله كنت ممن قال الله تبارك وتعالى فيهم: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» قال يحيى ابن سلام: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا» بِالشِّرْكِ «لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا» التي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

   -نسأل الله تبارك وتعالى أن يقيمنا وإياكم على الحنيفية والملة الغراء، ويثبتنا على هذه المحجة البيضاء حتى نلقاه جل وعلا مسلمين غير مبدلين ولا مغيرين، اللهم أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين، اللهم أحينا علماء عاملين ما كانت الحياة خيرا لنا، واختم لنا بالشهادة في سبيلك دفعا عن دينك تحت رايةٍ لا غبش فيها ولا كدر “فلا طابت حياة العبيد في دور الشرك والتنديد.

  • وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

انتهت السلسلة بفضل الله

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى