الصوتيات والمواعظ

ما هي ديانة الأقوام في هذا الزمان ؟

صوتية بعنوان: ما هي ديانة الأقوام في هذا الزمان ؟

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى أما بعد .. فقد استوقفني كلام نفيس لابن بطة -رحمه الله تعالى- في كتابه الإبانة الكبرى يحكي عن أهل زمانه فيقول: [ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَاقِلًا أَمْعَنَ النَّظَرَ الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَهْلِهِ لَعَلِمَ أَنَّ أُمُورَ النَّاسِ تَمْضِي كُلُّهَا عَلَى سُنَنِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَطَرِيقَتِهِمْ وَعَلَى سُنَّةِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَعَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةِ ـــ ثم قال ـــ فَمَنْ طَلَبَ السَّلَامَةَ لِدِينِهِ فِي وَقْتِنَا هَذَا مَعَ النَّاسِ عُدِمَهَا، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْتَمِسَ مَعِيشَةً عَلَى حُكْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقْدَهَا، وَكَثُرَ خُصَمَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ وَمُخَالِفُوهُ وَمُبْغِضُوهُ فِيهَا فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَمَا أَشَدَّ تَعَذُّرَ السَّلَامَةِ فِي الدِّينِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، فَطُرُقَاتِ الْحَقِّ خَالِيَةٌ مِقْفِرَةٌ مُوحِشَةٌ قَدْ عُدِمَ سَالِكُوهَا وَانْدَفَنَتْ مَحَاجُّهَا، وَتَهَدَّمَتْ صَوَايَاهَا وَأَعْلَامُهَا، وَفُقِدَ أَدْلَاؤُهَا وَهُدَاتُهَا، قَدْ وَقَفَتْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى فِجَاجِهَا وَسُبُلِهَا تُتَخَطَّفُ النَّاسُ عَنْهَا، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، فَلَيْسَ يَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ وَيُهِمُّهُ إِلَّا رَجُلٌ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ، قَدْ أَدَّبَهُ الْعِلْمُ وَشَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ بِالْإِيمَانِ ] .. وقد قال البربهاري من بعده: [ واحذر ثم احذر أهل زمانك خاصة، وانظر من تجالس، وممن تسمع، ومن تصحب، فإنَّ الخلق كأنهم في ردة، إلا من عصمه الله منهم ]هذا كلامهم في أهل زمانهم خاصة فماذا نقول نحن بعد عشرة قرون متوالية من هذا التوصيف، وقد روى البخاري في صحيحه عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: [ دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: مَا مِنْ عَامٍ إِلاَّ وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ، سَمِعْتُ هَذَا مِنْ نَبِيِّكُمْ ] .. لا ينكر أحد أننا في آخر الزمان، وقد عمَّ الكفر والشرك في جميع الأرجاء والأحياء والأركان، إنَّ النَّاس اليوم قد دخلوا في دين ملوك الأرض أفواجا وخرجوا من دين الله أفواجا في كل مكان، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، عن أبي هريرة قال: [ تلا رسول الله ­ﷺ: { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت النَّاس يدخلون في دين الله أفواجًا }، فقال رسول الله ﷺ: “ليخرجن منه أفواجًا كما دخلوا فيه أفواجًا” ]ومن الأثار التي فيها دلالة على ذهاب الإسلام في آخر الزمان حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: [ مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ ] شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، لِإِخْبَارِهِ ﷺ بِمَا سَيَكُونُ مِنْ مُلْكِ الْمُسْلِمِينَ لهَذِهِ الْأَقَالِيمَ وَوَضْعِهِمْ الْجِزْيَةَ وَالْخَرَاجَ، ثُمَّ بُطْلَانِ ذَلِكَ بعد ذلك. لأنهم يكفرون في آخر الزمان فيمنعون ما لزمهم مِنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا، قوله: «وعدتم من حَيْثُ بدأتم» أَي رجعتم إِلَى مَا كُنْتُم عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة، وقيل: أَيْ رَجَعْتُمْ إلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ..إنَّ دين ملوك الأرض في هذا الزَّمان ونظام المُلْكِ اليوم هو دين الديمقراطية إنه لونٌ من ألوان الجاهلية المعاصرة، دينٌ مُستعلَنٌ به في هذه الديار مهيمن على عقول الصغار والكبار، إنه حكم الملك ودينه وحكم الشعب ودينه كما قال تعالى: {مَاكَانَ لِيَأخُذ أخَاهُ فِي دِينِ المَلِك} [يوسف:76] قال الضحاك وابن عباس في قوله: {فِي دِينِ المَلِك} : «في سلطان الملك»، وعن قتادة: {فِي دِينِ المَلِك}، قال: «حكمه»، إنه حكم الشعب وهو دينه وحكم الملك وهو دينه إنه دين الديمقراطية … هل تعلم أن الديمقراطية هي: حكومة الشعب بواسطة الشعب لمصلحة الشعب، وقيل: إنها حكومة من كل الشعب وبكل الشعب ولكل الشعب، وقيل هي حكومة الشعب بواسطة الشعب، وقيل: هي ما كانت فيها الجماعة هي مصدر السلطة وهي التي تمارسها بنفسها، أو تنتخب من ينوب عنها في ممارستها، وهذا يبين لك أن هذا النظام بحد ذاته مناط كفر الجماعة التي هي الشعب فالناس اليوم يَدرسون أوضاع الحكم في مدارسهم وقانُونه في جامعاتهم مُطَّلِعِين على تفاصيل الجاهلية في إعلامهم، متلبِّسين بفروعها في حياتهم فيتحاكمون إليها  في محاكمهم، وينتخبون على أولياء أمورهم  … إنه دين الديمقراطية  ونهج العلمانية الذي هو حكم الشعب للشعب، وهو نظامٌ سياسي يقتسم فيه المواطنون السلطان، ويختارون حكامهم بحرية، ويحتفظون لأنفسهم بالرَّقابة الدائمة على الحكومة الديمقراطية، فالشعب هو مصدر السلطات، فهو المشرِّع ويتم ذلك بإنابة أعضاء يُنتخب عليهم من طرف الشعب، وظيفتها التشريع وسَنِّ القوانين في مجلس الشعب، والشعب هو الحاكم أي: الذي يُنَصِّب الحاكم الذي يرتضيه عن طريق الانتخابات بشكل دوري لإتاحة التداول على السلطة … وإلى هنا قد غَصَبَ هذا الشعب الربوبية  وما اختصَّ الله به من الحاكمية والتشريع وادَّعاها لنفسه وعَبَّدَ لها الشعب وحمى سلطانه بجيوش هي من الشعب: ــ الجيش الشعبي الوطني ــ وقد نفذَت أحكامُه وقوانينه وشرائعه في هذا الشعب، وهذا النظام الوضعي والدين الوثني يُتيح لجميع طبقات الشعب حقوق المواطنة ومن أبرزها إنشاء الأحزاب ــ لا على أساس الدين ــ وأحقية الترشيح للمناصب الحكومية والتشريعية ليتم التداول على الربوبية من طرف جميع طبقات الشعب فمن كان في هذه الفترة حاكماً قد يكون في المرحلة القادمة محكوماً، فهم بين رب ومربوب وعبد ومعبود من دون الله، ويفرض هذا النظام على المواطنين واجبات منها حق نصرة الوطن والدفاع عنه وهو الواجب المقدس ومنها احترام القوانين وتنفيذها.
وهذه نبذة مختصرة عن دين الديمقراطية الذي هو دين الشعب وحكم الشعب واختيار الشعب، والذي استنار قلبه بالتوحيد حينما ينظر في هذه الجاهلية العصرية التي الحاكمية فيها للشعب والتي قد رضي فيها الشعب بحكم نفسه والخضوع لأحكامه وشرعه، ثم ينظر في كتاب ربه فيجد أن من أظهر القضايا التي تناولها القرآن هي قضية الحاكمية والاتباع والانقياد لله الواحد الديَّان وحده لا شريك له، وهي مدلول لا إله إلا الله ومعنى إفراد الله بالعبودية والبراءة من الطاغوت واجتنابه، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ }[الزمر:١٧]، إنَّ القضيَّة عند صاحب الفطرة السليمة في غاية الصفاء والوضوح، قومٌ اجتمعوا في أرضٍ لها حدودٌ فهي الوطن، لها دستور فهو الحَكَم لها شعار فهو العلم، يُعقد له الولاء وعليه البراء، يعظَّمُ بالقنوت ويقاتل تحته في صمود، وكل ذلك تحت قانون: الدين لله والوطن للجميع، وقد جعلوا سَنَّ القوانين والحاكمية في أنفسهم على جهة المداولة على السلطان، فمن اختارته الأغلبية فهو الحكم دانوا له بالطَّاعة والاتِّباع لأَجَل محدود، ونصَّبوا القضاة والحاكمين يحكمون بما يَسُنُّه المشرعين الذين يُمَثِّلُون القوم، وقد سنُّو حُريَّةَ الأديان بل وحدتها وحرية الاعتقاد ــ إلا التوحيد ــ ونَصَّبت للناس قباباً ومشاهداً وقبوراً ومعابداً وزيّنت لهم عبادتها وحمتها بسيف القوم، وأشاعت الرذيلة وطمست الفضيلة وأنكرت المعروف وأمرت بالمنكر، ونشرت الشرك والتنديد وفتنت أهل الحق والتوحيد، فما تركوا من أمر الجاهلية الأولى شيئاً إلا كان لهم منه أوفر حظٍ وأكمل نصيب، بل تجاوزا حد الطغيان والتنديد فكانوا كما قال الله في الأقوام الطَّاغية: {وَقَوۡمَ نُوحٖ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمۡ كَانُواْ هُمۡ أَظۡلَمَ وَأَطۡغَىٰ }[النجم:٥٢]، فإن لم يكن هذا هو الكفر والشرك والطغيان فما هو إذا؟ وإن لم يكن هؤلاء هم المشركون والكفار والطواغيت فمن هم إذا؟!! {وَلَقَدۡ أَنذَرَهُم بَطۡشَتَنَا فَتَمَارَوۡاْ بِٱلنُّذُرِ}[القلم:٣٦]، هل تظن يا هذا أن الذين تعيش بينهم مسلمين!! كلا والله إن كنت تظن هذا الظن وتزعم هذا الزعم فاتهم عقلك وسمعك وبصرك فأنت بحاجة إلى علاج العقل وآلات الإدراك  واسأل الله بتجرد وإخلاص أن يهديك إلى سواء السبيل، وإياك ومشايخ السلطان فإنهم أحبار ورهبان وشياطين في أثواب الوعاظ والزهاد، وهم حربة في نحر الحق وسيف يذب عن الطاغوت بغير حق بطونهم ملىء بالجيف وجيوبهم عامرة بفتات دراهم الطغاة فصار علماء هذه الأمة شرارها حالهم أشد من حال الأحبار والرهبان الذين ذمهم الله في كتابه في مواضع وهمُ الذين خافهم رسول الله ﷺ على هذه الأمة كما في حديث ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (إِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ) وهم الذين أفسدوا الدين كما قال ابن المبارك: “وَهَل أفْسَدَ الدِّينَ إِلَّا المُلوكُ وَأحبارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُها ؟”

فارفع برأسك ناظرا في قومنا، هل هؤلاء عصبة الإيمان!!  ألا ترى أن من تعيشُ بينهم هم عبيد للطواغيت داخلون في دينه وطاعته يجري عليهم حكمه وماض فيهم سلطانه قد أقاموا عرشه يذبون عن ملكه ودينه، وقد فشا فيهم الشرك وصنوف المكفرات وسرى فيهم الجهل بلا إله إلا الله فهم يقولونها لفظا ويجهلونها معنى ويرفضونها عملا بالحكم والتحاكم للشرائع المبدلة، إنهم طوائفٌ ممتنعة عن دين الله، تقاتل بشبابها وشيبها بموجب قانون النصرة والخدمة الوطنية من خرج عن دين الملك، فرجالهم جنود احتياط لنصرة الطاغوت يستنفرهم للقتال والنزال كما هو واقع في أوكرانيا الآن ويقع في كل مكان وزمان، هؤلاء العبيد للعبيد المتجنسون بدين الديمقراطية الخاضعون لملَّة العلمانية المنقادون لشريعة الطاغوت، فاكفر بها وابرأ منها تحقق التوحيد فأنهم على دين الديمقراطية وملة العلمانية
___

يَا غُرْبَةً فِي الدِينِ بَينَ قَومِنَا
نَدْعُوهٌم لصَحِيِحِ دِيِنِ الأِنبِيَاء

فَخَوارِجٌ لَسنَا نَقُولُ بِقولِهِم
أَمَا الصَّحَابَةُ هُمْ تِيجَانُ رُؤُوسِنَا

قَدْ كَفَّرَ الصَّحْبُ الكِرَامُ دِيارَ مَنْ؟
فَكيفَ مَنْ قدْ بدَّلَ الدِينَ وَدَانَ

فَخَوارِجٌ مِنْ دِينِ قَومٍ بَدَّلُوا
فَغيرُ دِيِنِ المُصطَفَى لا نَبتَغِي

يَا طَالِبَ الحَّقِ مُرِيداً لِلهُدَى
اِخْلَعْ قُيُودَ أَسْرِهِم وَهوَانِهِم

وَتَعَلَّمِ الدِيِنَ الصَّحِيحَ بِحَدِّهِ
وارفَع بِرأسِكَ نَاظِراً فِي قَومِنَا

واقرأ كِتَاباً خَطُّهُ بِأًنًامِلِي
عَنْوَنْتُهُ بِهِدَايَةِ الأَنَامِ

فَاعضُضْ عَليها بِالنَّواجِذِ مُمْسِكاً
فَالْخُلْفُ في تَعرِيِفِ ذَا الإِيِمَانِ

يَدْعُونَنَا حُدَثَاءَ ذَا الأَسْنَانِ
أَهلُ الكَبَائِرِ هُم ذَو عِصيَّانِ

فِي إِثرِهِم نَقْفُوا إلى الرِضوَانِ
المَانِعِيِنَ شَرِيِعَةَ الَمنَّانِ

بِنِحْلَةِ قَومِ بَنِي عَلْمَانِ
لَسنَا بِدَاخِلِ هَذِهِ الأَدْيَانِ

نَرجُو النَّجَاةَ وحُورَ ذَا الأعَيَّانِ
اسْمَعْ بِفَهمٍ حَاضِرٍ يَقْظَانِ

كَسْراً لِذِي الأصنامِ والأَوثَانِ
واحْكُم بِهِ وَضْعاً عَلى الِميزَانِ

هَلْ هَؤُلاءِ عُصبَةُ الإِيمَانِ؟
فِيهِ البَيانُ الشَّافِي والبُرهَانِ

لِحَقِيقَةِ الإِسلَامِ والإِيمَانِ
واحْذَرْ تَزُولُ تَبُوءُ بِالخُسرَانِ

🖋️ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى