بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ أمّا بعد…
سَبَقَ مَعَنَا ذِكْرُ الأدلَّةِ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذَلِكَ مِن إجمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أنّ الظَّاهِر الْمُعْتَبَرَ فِي الدُّورِ الَّتِي طَرَأَ عَلَيْهَا الْكُفْرُ وَالرِّدَّةُ هو إظهَارُ خِلَاف مَا أظْهَرَهُ الْقَوْم مِنْ كُفْرٍ وَصارُوا إليه مِنْ شِرْكٍ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْكُفْرُ فِي الألُوهِيَّةِ أو الْحَاكِمِيَّةِ أوِ النُّبُوَّةِ أو غَيْرِهَا كَمَا وَقَعَ فِي قومِ مُسَيْلِمَةَ مِنْ إشرَاكِهِم مُسَيْلِمَة فِي النُّبُوَّةِ .
نَذْكُر هَا هُنَا بإذن اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْضَ الآثَارِ وَكَذَلِكَ الْوَقَائِع الَّتِي وَرَدَتْ فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَبَيَان أنّ هَذَا هُوَ فَهْمُ الصَّحَابَةِ لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ بإذن اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: “ارْتَدَّ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ، فَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ فَقَالَتْ: إِنْ كَانَ عَلْقَمَةُ كَفَرَ، فَإِنِّي لَمْ أَكْفُرْ أَنَا وَلَا وَلَدِي”، فذكرَ ذَلِكَ لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ بِهِمْ، يَعْنِي بِأَهْلِ الرِّدَّةِ” مصنّف ابن أبي شيبة، هَذِهِ الرِّوَايَةَ ظَاهِرُهَا أنَّ أبَا بَكْرٍ ألْحَق الذَّرَارِي وَكَذَلِكَ النِّسَاء بأهلِ الرِّدَّةِ إلَّا مَنْ ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ أهل الرِّدَّةِ مِن كُفْرٍ كَقَوْلِهَا “إنْ كَانَ عَلْقَمَةُ كَفَرَ فَإنِّي لَمْ أَكْفُرْ أنا وَلَا وَلَدِي” فَتَبَرَّأْت مِنْ كُفرِ عَلقَمَةَ، فَأجْرَى أبُو بكرِ الْكُفْرَ عَلَى عُمُومِ دِيَارِ الْكُفْرِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْوِلْدَانِ أوْ كَانَ للنِّسَاء والصّبيان، فَسَبَى النِّسَاءَ وَكَذَلِكَ الْوِلْدَان وَالصِّبْيَانَ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي إجمَاعِ الصَّحَابَةِ الَّذِي رَوَاهُ أبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلّام .
كَذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ مَا رُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ, قَالَ: “أخذَ بِالْكُوفَةِ رِجَالٌ يُفْشُونَ حَدِيثَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ, فَكَتَبَ فِيهِمْ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ, فَكَتَبَ عُثْمَانُ أَنِ اعْرِضْ عَلَيْهِمْ دِينَ الْحَقِّ, وَشَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ, فَمَنْ قَبِلَهَا وَتَبَرَّأَ مِنْ مُسَيْلِمَةَ فَلَا تَقْتُلْهُ, وَمَنْ لَزِمَ دِينَ مُسَيْلِمَةَ فَاقْتُلْهُ فَقَبِلَهَا رِجَالٌ مِنْهُمْ فَتُرِكُوا، وَلَزِمَ دِينَ مُسَيْلِمَةَ رِجَالٌ فَقُتِلُوا” شرحُ معاني الآثار . فهؤلاء رجال أَفْشَوا حَدِيث مُسَيْلمَةَ في مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْكُوفَةِ فِي بَعْضِ الْرّوايَاتِ، فعثمانُ كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ عَرْضَ دِينِ الْحَقِّ والشَّهَادَتَيْنِ قَالَ: “فَمَنْ قَبِلَهَا وَتَبَرَّأَ مِنْ مُسَيْلِمَة” فَهَذَا الَّذِي يُعْصَمُ دمُهُ، فَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ لَا إله إلّا اللهُ لأنّه مَعْرُوفٌ أنّهُ يَقُولُ لَا إله إلّا اللهُ وأنّ محمّدا رسولُ الله، وَلَكِنْ كَفَرَ مِنْ جِهَةِ الإيمَان بِنُبُوَّةِ مُسَيْلِمَةَ فَلَا بُدَّ أنْ يَتَبَرَّأُ مِمَّا كَفَرَ بِهِ حَتَّى يَصِحَّ إسْلَامُهُ وَتَصِحّ تَوْبَتُهُ .
كَذَلِكَ مِنْهَا قِصَّةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَعَ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلّام: وَتَقُولُ بَنُو تَمِيمٍ إِنَّه لمّا هجَم عَلَيْهِم خَالِد قَالَ من أَنْتُم ؟ قَالُوا الْمُسلمُونَ قَالَ: وَنحن الْمُسلمُونَ فَمَا بَال السِّلَاحِ ؟ قَالُوا ذعرتمونا، قَالَ: فضعوا السِّلَاحَ . والمجتمعُ عَلَيْهِ أَنّ خَالِدا حاورهُ ورادهُ وَأَن مَالِكًا سمَح بِالصَّلَاةِ والتوَى بِالزَّكَاةِ فَقَالَ خَالِد: أما علمتَ أَنّ الصَّلَاة وَالزَّكَاة مَعًا لَا تقبل وَاحِدَةٌ دون الْأُخْرَى، قَالَ: قد كَانَ يَقُول ذَلِك صَاحبكُم، قَالَ: وَمَا ترَاهُ لَك صاحبًا، وَالله لقد هَمَمْتُ أَن أضْرب عُنُقك، ثمَّ تحاولا فَقَالَ لَهُ خَالِد إنّى قَاتلك، قَالَ: وبذا أَمركَ صَاحبكَ، قَالَ: وَهَذِه بعد وَالله لَا أقيلك” طبقات فحول الشّعراءِ، يَقُولُ الوَاقِدِي: “ثُمَّ قَدَّمَ خَالِدٌ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: أَتَقْتُلُنِي وَأَنَا مُسْلِمٌ أُصَلِّي الْقِبْلَةَ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: لَوْ كُنْتَ مُسْلِمًا لَمَا مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَلا أَمَرْتَ قَوْمَكَ بِمَنْعِهَا” كتاب الرّدّة للواقدي، فَمَن امْتَنَعَ مِنَ الشَّرَائِعِ لَا يُسَمَّى مُسْلِمًا وَلَوْ صَلَّى لِلْقِبْلَةِ .
وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ مِن الآثار فِي أَثَر مُجَّاعَة مَعَ خَالِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأرْضَاهُ قَالَ فِي الِاكْتِفَاءِ: ” فَقَالَ خَالِدٌ: يَا مُجَّاعَةُ، تَرَكْتَ الْيَوْمَ مَا كُنْتَ عَلَيْهِ أَمْس، وَكَانَ رِضَاكَ بِأَمْرِ هَذَا الْكَذَّابِ، وَسُكُوتُكَ عَنْهُ وَأَنْتَ أَعَزُّ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، وَقَدْ بَلَغَكَ مَسِيري، إِقْرَارًا لَهُ، وَرَضِى بِمَا جَاءَ بِهِ، فَهَلَّا أَبْلَيْتَ عُذْرًا، فَتَكَلَّمْتَ فِيمَنْ تَكَلَّمَ، فَقَدْ تَكَلَّمَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَدَّ وَأَنْكَرَ، وَقَدْ تَكَلَّمَ الْيَشْكُرِيُّ، فَإِنْ قُلْتَ أَخَافُ قَوْمِي، فَهَلَّا عَمَدْتَ إِلَيّ تُرِيدُ لِقَائِي، أَوْ كَتَبْتَ إِلَيّ كِتَابًا أَوْ بَعَثْتَ إِلَيّ رَسُولًا، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ أَوْقَعْتُ بِأَهْلِ بزَاخَةَ، وَزَحَفْتُ بِالْجُيُوشِ إِلَيْكَ. فَقَالَ مُجَّاعَة: إِنْ رَأَيْتَ يَا ابْنَ الْمُغِيرَةِ أَنْ تَعْفُوَ عَنْ هَذَا كُلِّهِ فَعَلْتَ. فَقَالَ خَالِدٌ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْ دَمِكَ، وَلَكِنْ فِى نَفْسِي مِنْ تَرْكِكَ حَوجًا بَعْدُ، فَقَالَ مُجَّاعَةٌ: أَمَّا إِذَا عَفَوْتَ عَنْ دَمِي فَلَا أُبَالَى.”
يَقُولُ حَمَدُ بْنُ عَتِيقٍ: “وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِإِظْهَارِ الدِّينِ: أَنْ يُتْركَ الْإِنْسَانُ يُصَلِّي وَلَا يُقَالُ لَهُ اعْبُدِ الْأَوْثَانَ! فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَنْهَوْنَ مَنْ صَلَّى فِي بُلْدَانِهِمْ وَلَا يُكْرِهُونَ النَّاسَ عَلَى أَنْ يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ؟! بَل الْمَقْصُودُ: أَنَّ إِظْهَارَ الدِّينِ هُوَ: التَّصْرِيحُ لِلْكُفَّارِ بِالْعَدَاوَةِ كَمَا احْتَجَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مجَّاعَة بِأَنَّهُ سَكَتَ وَلَمْ يُظْهِرِ الْبَرَاءَةَ كَمَا أَظْهَرَهَا ثُمَامَةُ وَالْيَشْكُرِيُّ وَالْقِصَّةُ مَعْرُوفَةٌ فِي السِّيَرِ، فَمَا لَمْ يَحْصُل التَّصْرِيحُ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ وَمِنْ دِينِهِمْ لَمْ يَكُنْ إِظْهَارُ الدِّينِ حَاصِلًا ” الدّفاع .
أخْرَجَ كَذَلِكَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكَلِ الْآثَارِ بِسَنَدِهِ إلى سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمٍ قَالَ: “شَهِدْتُ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَلَمَّا شَدَّدْنَا عَلَى الْقَوْمِ جرَحتُ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا وَقَعَ، قَالَ: اللَّهُمَّ عَلَى مِلَّتِكَ وَمِلَّةِ رَسُولِكَ وَإِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا عَلَيْهِ مُسَيْلِمَةُ، فَعَقَدْتُ فِي رِجْلِهِ خَيْطًا وَمَضَيْتُ مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا رَجَعْتُ نَادَيْتُ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ؟ فَمَرَّ بِيَ أنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ زَمَنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَحَدَّثْتُهُ هذا الحديثَ، فَقَالَ: «قَدْ أَحْسَنْتَ، اذهبْ فإِنَّ عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ الدِّيَةَ، وَعَلَيْكَ تَحْرِير رَقَبَةٍ مؤمنةٍ»” فَاعْتَبَرَ إسْلَامَهُ وَإيمَانَهُ قَوْله: “وَإِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا عَلَيْهِ مُسَيْلِمَةُ” .
مِنَ الآثَارِ كَذَلِكَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ كَثِيرٍ قَالَ: “وَقَدْ قُتِلَ فِي هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ رَجُلَانِ كَانَا قَدْ أَسْلَمَا وَمَعَهُمَا كِتَابٌ مِنَ الصِّدِّيقِ بِالْأَمَانِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَهُمَا عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ أَبِي رِهْمِ بْنِ قِرْوَاشٍ، قَتَلَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيُّ، وَالْآخَرُ لَبِيدُ بْنُ جَرِيرٍ قَتَلَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا بَلَغَ خَبَرَهُمَا الصِّدِّيقَ وَدَّاهُمَا، وَبَعَثَ بِالْوَصَاةِ بِأَوْلَادِهِمَا، وَتَكَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخِطَابِ فِي خَالِدٍ بِسَبَبِهِمَا، كَمَا تَكَلَّمَ فِيهِ بِسَبَبِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، فَقَالَ لَهُ الصِّدِّيقُ: كَذَلِكَ يَلْقَى مَنْ سَاكَنَ أَهْلَ الْحَرْبِ فِي دِيَارِهِمْ. أَيِ: الذَّنْبُ لَهُمَا فِي مُجَاوَرَتِهِمَا الْمُشْرِكِينَ. وَهَذَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مَنْ سَاكَنَ الْمُشْرِكَ فِي دَارِهِ»” البداية والنّهاية .
وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْمُتَّفق وَالْمُخْتلف أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنَّ أَمَارَاتِ الْكُفْرِ إِذَا ظَهَرَتْ فِي بِلَادٍ يَصِيرُ حُكْمُهَا حُكْم دَارِ الْحَرْبِ. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةَ جَعَلُوا أَمَارَاتِ الْكُفْرِ شِعَارًا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَنَحْنُ تَنَزَّلْنَا إِلَى أَنَّهُمْ فِي دَرِاهِم كَالْكَفَرَةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمًا بِلَا خِلَافٍ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى بِلَادِنَا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حَالِهِ، فَإِنْ صَدَرَ عَنْهُ مَا يَكفرُ بِهِ أَجْرَيْنَا مُقْتَضَى كُفْرِهِ، أَوْ لَا فَلَا .
فَإِنْ قُلْتَ يحتملُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ مِن الْمُسْلِمِينَ (يتكلّم عن بني عبيد من الفاطميّين) رِجَالًا أَوْ يَكُونَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا؟ قُلْتُ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ الْحَرْبِيِّينَ فِي ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ . فَإِنْ قُلْتَ: يَتَلَفَّظُونَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، قُلْتُ: لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِن اسْتِبْرَائِهِمْ عَمَّا كَفَرُوا بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ . وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَبْرءُونَ عَمَّا كَفَرُوا بِهِ وَلَوْ قطّعُوا إِرْبًا إِرْبًا، عَلَى أَنَّهُمْ بِمَثَابَةِ الزَّنَادِقَةِ كَمَا سَبَقَ نَقْلًا عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.”
نَقُولُ أنّ خُلَاصَة الْقَوْلِ فِيمَا سَبَقَ ذِكْرُه مِنَ الأدلَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مِن الكِتَاب وَالسُنَّة وَالإجْمَاع وَالْآثَار أنَّ مَنْ يُنَزِّل حَدِيثَ: “مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا..” عَلَى وَاقِعِ النَّاسِ الْيَوْمَ فَقَد أعْظَم الْفِرْيَةَ على الله عَزَّ وَجَلَّ وَخَالَفَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَحَادَ عَنْ فَهْمِ السَّلَفِ الْكِرَامِ، وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)}النّساء .
- نَقِفُ هُنَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أشْهَد أن لَا إلهَ إلَا أنْتَ أسْتَغْفَرَكَ وَأتُوب إليك .