بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ… نَنْتَقِل إلَى وَاقِع آخَرَ وَهُوَ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ وَقِيَام دَوْلَة الْإِسْلَام الَّتِي آوَى إلَيْهَا الْمُهَاجِرُون والمُستضعفون واستعلنت فِيهَا شَعَائِر الإسلامِ، وَقَامَتْ فِيهَا شَعَائِره وشَرَائِعه، فَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الدَّار هُوَ الإِسْلَامُ، الْأَصْلُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إسْلَامُ أَهْلِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رَجَب: “الْأَصْلُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ الْإِسْلَامُ” القواعد لابن رجب، وَهَذَا الْأَصْلُ لَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ إلَّا بِظُهُورِ الْكُفْر ظُهُورًا كقَوْلِه: {لَاتَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}التّوبة، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ” رواه البخاريُّ، فَالْحُكْمُ عَلَى الْأَعْيَانِ فِي دَارِ الإِسْلَامِ هُوَ الْإِسْلَامُ لِأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ لَا تُقِرُّ مُرْتَدًّا عَلَى رِدَّتِهِ، ومِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الْأَصْل ويعضده مَا وَرَدَ فِي الشُّرُوطِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا وَفَرَضَهَا عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لئلا تَجْرِي عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُمْ إذَا تُركُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ اخْتَلَطُوا بِالْمُسْلِمِين وَوَقَعَ حِينَ ذَاكَ الِاشْتِبَاه فَأُلْزِموا بِالْغِيَار، ومِمَّا جَاءَ فِي الشُّرُوطِ: “وَأنْ نلزم زِيَّنا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَلَّا نَتَشَبَّه بِالْمُسْلِمِينَ فِي لبسِ قلنسوة وَلَا عِمَامَة وَلَا فَرْقِ شَعْرِ وَلَا فِي مَرَاكِبِهِمْ”، يَقُولُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ فِي سِيَاقِ مَا رُوِيَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْغِيَار لِأَهْل الْمِلل الذين خَالَفُوا شَرِيعَته صَغَارًا وَذُلًّا وَشُهْرَة وَعَلَمًا عَلَيْهِم لِيُعْرَفُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي زِيِّهم وَلِبَاسِهم وَلَا يَتَشَبَّهوا بِهِمْ: “وَكَتَبَ عُمَرُ إلَى الْأَمصَارِ أَنْ تُجَزَّ نواصيهم وَألَّا يَلْبَسُوا لبسَة الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْرَفُوا” أحكامُ أهل الذّمّة، أي: حتى يُعرفوا أَنَّهُمْ أَهْلُ ذمّة فيعامَلون عَلَى هَذَا الْمُقْتَضَى، ووَجْه إيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا لِبَيَانِ أنّ الْأَصْلَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْإِسْلَامُ، وَلِذَلِكَ احْتَاجَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةٍ وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ فِيهَا بيانُ أنّ الظَّاهِر الْمُعْتَبَرَ هُو الْمُغَايَرَة، فمَثَلًا كَثْرَة عَلَى دِينٍ وَقِلَّة عَلَى دِينٍ فكَيْف نَعْرِفُ أَنَّ هَذِهِ الْقلَّةَ عَلَى دِينٍ يُخَالِفُ الْكَثْرَة الَّتِي هِيَ عَلَى دِينٍ آخر؟ بِمُغَايَرَة مَاعَلَيْهِ الْكَثْرَة، هَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ عَقْلًا يَسْتَقِيم وَكَذَلِكَ هُوَ شَرْعًا وَارِد كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُه إن شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَالْمُعْتَبَر لِأَهْل الذِّمَّة فِي دَارِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْمُغَايَرَة فِي الظَّاهِرِ وهُوَ اللِّبَاس وَالْمَرْكب وَإِلْزَامُهم بِذَلِك وَنَهْيُهُمْ عَنِ الِاشْتِرَاكِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي زِيٍّ أَوْ مَرْكَبٍ أَو خَصِيصَة لئلّا تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ خَطَأً لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ، فَدَلَّ عَلَى أنّ الظَّاهِرَ الْمُعْتَبَرَ لِلْقِلَّة الْمُخَالِفَة لِدِين القَوْمِ هو مَاتَظْهَرُ بِهِ الْمُخَالَفَةُ ولَا يَكُونُ فِيهِ اشْتِرَاكٌ، وَهَذَا كَأَصْلٍ فِي الْبَابِ أَنَّ الظَّاهِرَ المُعْتَبَر فِي قَوْمٍ هو مَاتَتَحَقَّقُ بِهِ الْمُغَايَرَة لَهُم .
نَنْتَقِل إلَى وَاقِع آخَرَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتِدَاد الْعَرَب، فَفِي مِثْلِ هَذَا الْوَاقِعِ مَاهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الصَّحَابَة لِلْحُكْم بِإِسْلَام الْعَيْنِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدُّور الَّتِي ارْتَدَّت وَكَفَرَت وَامْتَنَعَتْ مِنْ أَدَاءِ الشَّرائعِ، أَوْ نَقُولُ: مَا هُوَ الظّاهرُ المعتبرُ للْحُكْم بِالْإِسْلَامِ عَلَى الْقِلَّة المُستخفية بِإِيمَانها فِي دَارِ الْحَرب؟ هَلْ هُوَ إظْهَارُهَا لِلشَّعَائِر كالأذان وَالصَّلَاةِ وَالْحِجَاب وَغَيْرِهَا، أَوْ هو إظْهَارُهَا خِلَافَ مَاأَظْهَرَهُ الْقَوْمُ مِنْ كُفرٍ وَشِرْكٍ وَالْبَرَاءَة مِمَّا أَحْدَثُوه مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَظْهَرَت الْقِلَّة الْمُؤْمِنَة مِن الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل وَأتْبَاعِهم خِلَافَ مَا أظهرتْهُ الْأَقْوَامُ الْكَافِرَةُ مِن الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الشّرائع، وهَذَا هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَنْ يُعْطِي الشَّعَائِرَ أَحْكَامًا فِي مِثْلِ هَذِهِ الدِّيَار، وَنَحْنُ نَقُولُ أنَّهُ إذَا تَعَارَضَ إِظْهَارُ الشَّعَائِر مَعَ ظُهُورِ الشِّرْك، وَعُلُوّ أَحْكَامِه وَمَشَاهِدِه وَالِامْتِنَاعِ عَنْ بَعْضِ الشّعائر، فَضْلًا عَنْ تَبْدِيل الدِّينِ كُلِّهِ وَإِمَاتَة الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا، نقُولُ بأنَّه يُقَدَّمُ هَذَا الْأَخِيرُ، يَعْنِي: إظْهَارُ خِلَاف مَاأَظْهَرَهُ الْقَوْمُ الّذِي هُوَ الظَّاهِرُ والَّذِي يَرْفَعُ الْأَصْلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدِّيَار، وَلَا اعْتِبَارَ أَلْبَتَّة لِهَذِه الشَّعَائِرِ الَّتِي اشتركت فِي هَذَا الزَّمَانِ، فَهِي شعائرٌ لاتُصَحِّح إسْلَام هَؤُلَاءِ الْكُفَّار لاشتراكها وَعَدَم اخْتِصَاصِهَا، فَهِي مُفرغة عَن الدَّلَالَةِ وَشَعائر مُطَّرَحَة في مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسُنَّة النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ هُوَ إجْمَاع الصَّحَابَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُه إن شاء الله تعالى، فالْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ المُعْتَبَر فِي دُورِ الكُفْر هُوَ إظْهَارُ مُخَالَفَةِ مَا عَلَيْهِ الْقَوْم مِنْ كُفْرٍ وَشِرْك، وهِيَ أَدِلَّةٌ وَافِرةٌ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وجلّ وَكَذَلِكَ مَن السُّنَّةِ وَكَذَلِكَ مَن الْإِجْمَاعِ .
مِنْ كِتَابِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نقُولُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ الْقَطْعِيّ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ الْمُعْتَبَرَ فِي دُور الْكُفْر هُوَ إظْهَارُ مُخَالَفَةِ مَا عَلَيْهِ الْقَوْمُ مِنْ كُفْر وَشِرْك، أن تُظْهِر مَا يُخَالِفُ الْقَوْم والْكُفْرَ الَّذِي انْتَشَر وَاشْتَهَر عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ قَوْمٍ وَمَا اشْتَهَرَ عِنْدَهُمْ مِنْ كُفْرٍ وشركٍ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي أَتَتْ بِهِ الْقِلَّةُ الْمُؤْمِنَةُ مِنَ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِم فِي الْكَثْرَةِ الْكَافِرَة مِن الأقوامِ الْمُخَالِفَةِ الَّتِي بُعِثَتْ فِيهَا، كقَوْلِهِ مَثَلًا: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ (٧١)} يونس، فَأَظْهَر نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ خِلَافَ مَا أَظْهَرَهُ قَوْمُه مِنْ كُفْر وَشِرْك، كَذَلِكَ قَوْلُهُ: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) }هود، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤)} يونس، وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ: {وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (١٤)} الكهف، وَهَذِه بَعْض الْأَدِلَّةِ مِنْ كَثِيرٍ فِي كِتَابِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَذَلِك عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، نقُولُ أنَّ مَنْ أَظْهَرَ الْمُخَالَفَة لِدِين قَوْمِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدِّيَار وَبَيْن هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامِ يُحْكَمُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَمَنْ كَانَ مُسْتَخْفِيًا بِدِينِه فَيَجْرِي عَلَيْهِ مَا يَجْرِي على الْكَثْرَة الْكَافِرَة لِعَدَم إظْهَارِه الظَّاهِرَ المعتبرَ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ لِلنَّاظِرِ .
منَ السُّنَّةِ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَارَسُولَ اللهِ: إنَّهُ كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّة وَإِنِّي أطَّلِعُها يَوْما اطِّلَاعةً، فَوَجَدْتُ الذِّئْبَ قَدْ ذَهَبَ مِنْهَا بِشَاة، وَأَنَا مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ لِما يَأْسَفُون قَال: فصككتُها صكًّا فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: ادْعُهَا إِلَيَّ فَقَالَ لها: أَيْنَ اللهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ .
قَالَ: وَمَن أَنَا؟ قالت: رَسُولُ اللهِ، قَالَ اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ .” رواهُ مسلم، وَجْه الدّلالة فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَقُولُ: أنَّ الْأَصْلَ المتقرّر فِي الرَّقِيقِ الْكُفْرُ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُ ذَلِكَ بِأَمَارَات الْإِيمَان وَمُخَالَفَة الْكُفْر الَّذِي اشْتَهَرَ بِهِ قَوْمُهُم، وَكَانَ سَبَبًا فِي رقّهم لأنّ سَبَب الْمُلْكِ بِالرِّقّ هو الْكُفْر وَمُحَارَبَة اللهِ وَرَسُوله، فَالْأَصْلُ فِي الرَّقِيقِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ، يَقُولُ أَبُو سَعِيدٍ الدَّارِمِيّ: “أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ أَمَارَة إيمَانِهَا مَعْرِفَتَهَا أنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ” الرّدّ على الجهميّة، يَعْنِي (عَلَامَةُ إيمَانِهَا معرفتُها أنّ اللهَ في السَّماء)، نَقُولُ: أنَّ الِامْتِحَان دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ امْتُحِن عَلَى الْإِيمَانِ أَنَّهُ فَاقِد لَهُ، كَمَا سَبَقَ مَعَنَا فِي الْمُهَاجِرَاتِ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، قُلْنَا لَا يَنْتَقِلن إلَى الْإِسْلَامِ يَعْنِي لَا يَنْتَقِلْن مِنَ الْأَصْلِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ حتّى يُظْهِرْن خِلَافَ هَذَا الْكُفْرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ }الممتحنة، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْتَحَن الْجَارِيَة بِمَسَائِلَ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ، وَجَعَل أَمَارَة إيمَانِهَا مَعْرِفَتَهَا أَنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ، وَلَمْ يمتحنها النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُبْنَى عَلَيْهِ الدّين مِنْ شَرَائِعَ وفروع، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا مَثَلًا هَلْ تَشْهَدِين الصَّلَاة أَوْ هَلْ تُصَلِّين وَنَحْو ذَلِكَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّقِيقِ الشِّرْكُ وَالْكُفْرُ وَالْمُخَالَفَة لِأَصِلْ الدَّيْنِ أَو الْمُخَالَفَةُ لِلْإسلام، وَعَلَيْه فَالْحُكْم بِإِسْلَامِ مَن اِسْتَفاض عَنْهُم الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ سَوَاء كَانُوا قَوْمًا أَوْ طَائِفَة أَوْ فَرْدًا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِتْيَانِ بِأَصْلِ الْإِيمَانِ الَّذِي عُلِمَ أَنَّ كُفْرَهُم مُتَفَرِّعٌ عنه وَالتَّصْرِيحُ بِهِ، وهذا لَا شَكَّ أَنَّهُ تَفْنيد لِلَّذِين جَعَلُوا الشَّعَائِر دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ إيمَانِ أَقْوَامٍ أَظْهَرُوا الْكُفْرَ وَالشِّرْك بِاللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وعَلَى احْتِمَالِ صِحَّتِهِ عَلَى قَوْمٍ قَدْ عُلِمَ مِنْهُمْ جَهْلُهم بِهَذَا الدّينِ واسْتَفاض ذَلِكَ عَنْهُمْ يعني اِسْتَفاض نَقْضُ هَذَا الدِّينَ مِنْ أَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ يَقُولُ أَبُو سَعِيدٍ: “فَفِي حَدِيثِ رَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِق لَمْ يَجُزْ فِي رَقَبَة مُؤْمِنَةٍ، إذْ لَايَعْلَمُ أَنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ، ألَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ أَمَارَة إيمَانِهَا مَعْرِفَتَهَا أنَّ اللهَ فِي السَّمَاءِ” الرّدّ على الجهميّة للدارميّ، وَقَالَ: “فَالله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْق سمَاوَاته، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْ إلهَه الَّذِي يَعْبُد” المصدر السّابق، هَذَا فِي السّنَةِ .
الدَّلِيلُ فِي الإجْمَاعِ هُو إجماع الصَّحَابَةِ فِي دُور الرِّدَّةِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ أنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا شَهَادَةَ أَن لَا إلَهَ إلَّا اللهُ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَام وَالْأَذَان لِأَنَّ الْمُمْتَنِعِينَ مِنَ الشَّرَائِعِ (مَانِعي الزَّكَاة) كَانُوا يَقُولُونَ نَحْنُ نَصُوم وَنُصَلِّي وَلَا نُزَكّي فَكَانوا يَصُومُون ويُصَلُّونَ وَلَا يُزكّون، كَذَلِكَ قَوم مُسيلمة كَانُوا يُصَلُّونَ وَكَانُوا يَصُومُونَ وَنَحْو ذَلِكَ مِن الشَّعَائِرِ، فَهَذِه الشَّعَائِر كَانَتْ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي تِلْكَ الْأَقْوَام فِي تِلْكَ الدُّور، وَنَقُول بِأَنَّ نَفْسَ الدَّلِيلِ الَّذِي يستدِلّ بِهِ مَن يَحْكُمُ بالشّعائر فِي هَذَا الزَّمَانِ قَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّعَائِر وَوَافَقَهُ الصَّحَابَة وَتَمّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، رُوِيَ عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللهِ، فَإِنْ شَهِدُوا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَأَكَلُوا ذَبِيحَتَنَا، وَصَلُّوا صَلَاتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُم وَأَمْوَالُهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا، لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَاعَلَيْهِمْ” صحيح رواه أحمد، أَبُو بَكْرٍ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي يَسْتَدِلُّ بِه مَنْ يَحْكُمُ بِالشّعائر وَيَقُول: إذا اسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَأَكَلُوا ذَبِيحَتَنَا وَصَلُّوا صَلَاتَنَا، فأبو بكر فَهِمَ مِنَ الْحَدِيثِ خِلَافَ مَا فَهِمَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَحْكُمُون بالشّعائر لِهَؤُلَاء الْمُشْرِكِين، يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: “إلّا بِحَقِّهَا لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ” إذَا كَانوا قد أَتَوْا بحقوق هَذِهِ الْكَلِمَةِ “إِلَّا بِحَقِّهَا” فَقَالَ: “واللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، واللهِ إنْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَاللهِ مَا هُوَ إلَّا أنْ رَأَيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ” متّفق عليه، فَكَان الْخِلَافُ بَيْنَ عُمَرَ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْقِتَالِ قَالَ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إلَّا أنْ رَأَيْتُ أَنّ اللهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ عَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقّ أمّا الحُكْم فقد كَانَ مُتَقَرَّرًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي كُفْرِ هَؤُلَاءِ الدُّورِ وَأَنّ الْأَرْضَ كافرةٌ، وَأَنَّهَا قَد ارْتَدَّتْ عَنْ دِينِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، بَعْضَهُمْ يَقُولُ أنَّ قَوْمَنَا فِي هَذَا الزَّمَانِ هُمْ أَهْلُ قِبْلَة وَهُمْ يُصَلُّونَ إلَى الْقِبْلَةِ، فَلَا يَصِحُّ تَكْفِيرُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَيَذْكُر بَعْضَ الْآثَارِ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْقِبْلَةِ لَا يُكَفَّرُون!! فَنَقُولُ إنَّ أَهْلَ الْقِبْلَةِ الذين ذَكَر السَّلَفُ أَنَّهُمْ لَا يُكَفَّرُون لَيْسَ فِيهِمْ مُشْرِكين وَلَا طَوَاغِيت، أَمَّا قَوْمُنَا فِيهِمْ مُشْرِكِين، بَل فِيهِم نَاسٌ غارقون فِي الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، رُوِيَ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: “سَأَلْتُ جَابِرا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَلْ فِي الْمُصَلِّينَ طَوَاغِيت؟ قَالَ: لَا، وَسَأَلْتُه هَل فِيهِم مُشْرِك؟ قَالَ: لَا” الْمَطَالِبُ الْعَالِيَةُ بِزَوَائِدِ الْمَسَانِيدِ الثَّمَانِيَة، يَعْنِي: أَهْل الْقِبْلَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ أنّهم لَا يُكَفَّرُون وَلَا “نكَفِّرُ أَهْلَ الْقِبْلَةِ” فَهُمُ الْمُصَلُّون الَّذِينَ لَيْسَ فِيهِمْ طَوَاغِيت، وَلَيْسَ فِيهِمْ مُشْرِكِين، أَمَّا قَوْمُنَا فَفِيهِم رُؤُوس الطَّوَاغِيت، وَفِيهِم عُتَاةُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ واللهُ الْمُسْتَعَانُ، والَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ إجِمَاع الصَّحَابَة هُو التَّكْفِير وَالْقِتَالُ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ، وَعَدَم اعْتِبَارِ ظَاهِرِ الشَّهَادَة، وَكَذَلِك عَدَم اعْتِبَارِ الشَّعائر فِي مِثْلِ هَذِهِ الدّور، حكى الْإِجْمَاع أَبُو عَبِيد الْقَاسِم بْنُ سَلَّامٍ فِي سِيَاقِ استدلاله أنَّ الْعَمَلَ رُكْنٌ في الْإِيمَانِ فِي كِتَابِهِ الْإِيمَانُ: “وَالْمُصَدِّق لهذا جِهَاد أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِالْمُهَاجِرِين وَالْأَنْصَارِ عَلَى مَنْعِ الْعَرَب الزَّكَاة كَجِهَاد رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الشِّرْكِ سَوَاء لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّة واغتنام الْمَال، فَإِنَّمَا كَانُوا مَانِعِين لَهَا غَيْرَ جَاحِدِين بِهَا” .
كَذَلِكَ مِمَّن ذَكَرَ الْإِجْمَاع مَا رُوِيَ عَن الجَصّاص فِي تَفْسِيرِهِ لِقَوْلِهِ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} قَال: “دَلَالَة عَلَى أَنَّ مَنْ رَدَّ شَيْئًا مِنْ أَوَامِرِ اللهِ تعالى أَوْ أَوَامِرِ رَسُولِه صلّى الله عليه وسلم فَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ رَدَّهُ مِنْ جِهَةِ الشَّكِّ فيه، أَوْ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ القبولِ وَالِامْتِنَاعِ مِنَ التَّسْلِيمِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ صحَّةَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الصَّحَابَةُ فِي حُكْمِهِمْ بِارْتِدَاد مَن امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَقَتْلِهم وسَبْيِ ذَرَارِيهِمْ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى حَكَمَ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاءَه وَحُكْمَه فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ” أحكام القرآن للجصّاص، فَنَقُولُ بأنَّ مَانِعي الزَّكَاةِ كَانُوا مُظْهِرِينَ لِلشَّعَائِر مُمْتَنِعِين مِن إقَامَة بَعْض الشَّرَائِع قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: “وَأَمَّا مَنِ ارْتَدَّت مِنْ هَؤُلَاءِ الْعَرَب فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُصَلِّي وَقَدْ كَفَرَ بِالصَّلَاةِ (يَعْنِي هَذِهِ أَنْوَاع أَهْلِ الرِّدَّةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ)، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي وَقَدْ مَنَعَ الزَّكَاة وَلَا وَاللهِ يَا أَبَا حَفْصٍ مَا أُفَرّقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِأَنَّهُمَا مقرونتان” الردّة ونَبْذَة مِن فُتوح العِراق وذِكْرُ المُثنّى بن حارثة الشّيبانيّ، انْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ . فَأَجْرى عَلَيْهِمُ الصَّحَابَة أَحْكَامَ الْكُفْر وَلَمْ يَعْتَبِرُوا بالشّعائر، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ أَدَّى الصَّلَاةَ وَامْتَنَعَ عَنِ الزَّكَاةِ، أو مَنْ كَفَرَ بِالصَّلَاةِ أَوْ مَنْ رَجَعَ إلى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ أَوْ مَنْ أَشْرَكَ مُسَيْلِمَة فِي النُّبُوَّةِ، كَانُوا عِنْدَهُمْ كُلُّهُمْ في الكفر سَوَاءٌ، وَقِتَالُهم كَانَ قِتَال أَهْل الْكُفْرِ وَأَهْل الرِّدَّة ولَمْ يَعْتَبِرُوا بالشّعائر، وجاهدهم أَبُو بَكْرٍ بالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَلَم يَبْقَ أَحَدٌ مِن الْمُهَاجِرِينَ إلّا خَرَجَ لِقِتَالِ هَؤُلَاء، فَكَانَ إجْمَاعًا عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدُّورِ عِنْد استعلان الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ بِاللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَالِامْتِنَاعِ عَنْ أَدَاءِ الشَّرَائِع، فالشّعائر فِي مِثْلِ هَذِهِ الدُّور لَا تَقْوَى عَلَى إثْبَاتِ الْإِسْلَامِ لِتَخَلُّفِ الْأَصْلِ الَّذِي تُصَحَّح بِه الْأَعْمَال، كَحَال دَارِ بَنِي حَنِيفَةَ كَمَا سَبَقَ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ الَّتِي آمَنْت بِمُسْيلِمَة الكَذَّاب رَسُولا بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْقَط عَنْهُم مُسَيْلِمَةُ الزَّكَاةَ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ، فَهَلْ هَذِهِ الشَّعَائِر صحّحَت لَهُم إسْلَامًا ؟! نَقُول قطعًا لَا تُصَحِّح لَهُم إسلامًا .
- نَقِف هُنَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك .
- انتهى الجزء الثاني بفضل الله .🖋️📜