الصوتيات والمواعظ

هل قومنا مسلمون!!

صوتية بعنوان : [ هل قومنا مسلمون!! ]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد:
قد يتردد الكثير عندما تدعوه للإسلام في قضية البراءة من هذه الأقوام … فيستشنع قضية التكفير بالعموم .. حيث ترسخ في نفوسهم أن هذا هو منهج الخوارج المارقين … فيهاب هذا الحكم الرباني ويحاول أن يدفعه بشدة ويفر من تبعاته بقوة … وبعضهم لا يكلف نفسه حتى عناء النظر في هذه القضية لأنها محسومةٌ عنده نسبتها إلى الخارجة المارقة … ولو أعطى نفسه مهلة ففكر وقدر قليلا لوجد أنه يستعمل التكفير بالعموم في أحكامه، فهو يكفر بالعموم ويؤسلم بالعموم … لكنه يرفض أن يكفر أقواما ويوافق على تكفير أخرين مع أن المناطاتِ الموجودةِ هنا موجودةٌ هناك ولكن أكثر الناس لا يعلمون … نعم إن الناس قد أضاعوا البوصلة الصحيحة وتقلبت عندهم الأمور حتى صاروا لا يفرقون بين الأقوام المسلمة والأقوام الكافرة كما أنهم لا يفرقون بين المسلم والكافر فوقعت الفتنة في الأرض قال تعالى:{ والّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرض وَفَساد كَبِير} عن ابن إسحاق، قال: جعل المهاجرين والأنصار أهلَ ولاية في الدينِ دون من سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض، ثم قال: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، أي : إلا يوالِ المؤمن المؤمن من دون الكافر، وإن كان ذا رحم به “تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ، أي: شبهة في الحق والباطل، وظهورِ الفساد في الأرض، بتولّي المؤمنِ الكافرَ دون المؤمن، من هم المسلمون؟، وما هو حدُّ الأقوام المسلمة المباينة للأقوام المشركة؟، كيف يميز الناظر في الأقوام حتى يفرق بين المسلمين والمشركين حتى يكون على بيِّنَةٍ من أمره … لا يكون ذلك إلا حينما يتلقى رسمهم من كتاب ربه … هذا الذي نذكره بأدلته في هذه الصوتية قال تعالى: { قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِۦ شَيْـًٔا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ ٱللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:64]، قال أبو العالية: «كلمة السواء لا إله إلا الله»، وهذه الآية من أوضح الآيات في كتاب الله التي أوضحت حد المسلمين، ونصت على شرطهم في عدم اتخاذ الأرباب في الحاكمية والتشريع، وفي هذا النص دعوة لأهل الكتاب إلى الإسلام، فأمر الله نبيَّه أن يدعوهم إلى الكلمة السواء وهي لا إله إلا الله، وذكر مدلولها الذي يصح به إسلامهم، فإن حققوه كانوا مسلمين:{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}”أَيْ: فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنْ هَذَا النَّصَف وَهَذِهِ الدَّعْوَةِ فأشْهدوهم أَنْتُمْ عَلَى اسْتِمْرَارِكُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لَكُمْ”.
• فجاء في الآية تفسير للكلمة السواء (أي البراءة من الشرك وإفراد الله بالعبودية وعدم اتخاذ الأرباب في الحاكمية والتشريع ، ونصَّ الله على عدم اتخاذ الأرباب في الحكم والتشريع وإن كان داخلاً في ما قبله، والتَّنصيص جاء للتأكيد عليه وذلك لاتِّخاذ أهل الكتاب الأحبار والرهبان كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)}[التوبة:31]، {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا ۗ أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (80)}[آل عمران:80] ” قال البخاري: بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ الــــنَّــــاسَ إِلَــــى الإِسْــــلاَمِ وَالـــنُّـــبُـــوَّةِ، وَأَنْ لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، ” وفي هذه الآية أنَّ اتخاذ الأرباب كفر يرفع اسم الإسلام من القوم، فالمسلمون لا يتخذون الأرباب في العبادة والطاعة والاتباع … خلافا لقومنا فقد اتخذوا الأرباب في الحكم والعبادة والطاعة والاتباع، قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)} [المائدة49]، قال البغوي: (فإن تولوا) أَيْ: أَعْرَضُوا عَنِ الْإِيمَانِ وَالْحُكْمِ بِالْقُرْآنِ، فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ، أَيْ: فَاعْلَمْ أَنَّ إِعْرَاضَهُمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُمُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ”، وقال تعالى: {تُقِيمُواْ ٱلتَّوْرَىٰةَ وَٱلْإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَٰنًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ}[المائدة:68]، وقال السمعاني: {حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} أَي: تعملوا بِالْكُلِّ”، وقال البغوي: أَيْ: تُقِيمُوا أَحْكَامَهُمَا وَمَا يَجِبُ عَلَيْكُمْ فِيهِمَا، وإن كان هذا الوصف: {لستم على شيء} خطاب لأهل الكتاب فهو يعمُّ هذه الأمة ، فكل أمة أُنزل إليها كتاب الله فلم يعملوا بما أُنزل إليهم من ربهم ليسوا على شيء من الدين حتى يقيموا ما أنزل إليهم من ربهم وإلا: { فلا تأسى على القوم الكافرين}، إذا فصفةُ القوم المسلمين إقامة شريعة ربهم والحكم بما أُنزل إليهم من ربِّهم وعدم اتخاذ الأرباب، وصفةُ القوم الكافرين عدم إقامة ما أنزل إليهم من ربِّهم وتلقي الشريعةَ من الأرباب والدين من الأنداد.
وقال تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور:47]، قال أبو جعفر: {وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور:47].} يقول: وليس قائلو هذه المقالة، يعني قوله: {ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا} بالمؤمنين، لتركهم الاحتكامَ إلى رسول الله ﷺ وإعراضهم عنه إذا دعوا إليه.”، ولا شك أن هذه الأقوام والشعوب دُعوا إلى الحكم بالقرآن، ولكنهم أعرضوا بل قاتلوا بجميعهم من دعاهم إلى ذلك وساموهم سوء العذاب، ومثله قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:65]، قال أبو جعفر: يعني جلَّ ثناؤه بقوله: {فَلاَ} فليس الأمر كما يزعمون: أنهم يؤمنون بما أنزل إليك، وهم يتحاكمون إلى الطاغوت، ويصدّون عنك إذا دعوا إليك يا محمد”.
وقال تعالى:{ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)}[الممتحنة10] قَالَ الزُّهْرِيُّ:« لَوْلَا الْهُدْنَةُ وَالْعَهْدُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ لَأَمْسَكَ النِّسَاءَ وَلِمَ يَرُدَّ الصَّدَاقَ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ بِمَنْ جَاءَهُ مِنَ الْمُسَلِّمَاتِ قَبْلَ الْعَهْدِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَقَرَّ الْمُؤْمِنُونَ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَدَّوْا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ نَفَقَاتِ [الْمُشْرِكِينَ عَلَى نِسَائِهِمْ، وَأَبَى الْمُشْرِكُونَ أَنْ يُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ فِيمَا أُمِرُوا مِنْ أَدَاءِ نَفَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى نسائهم».
فدلَّت الآيات أنَّ المسلمين هم الذين يجيبون داعيَّ الله ويتحاكمون إلى شرع الله كما قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ}[النور:51]، والكافرون والمنافقون هم الذين يصدُّون عن دين الله ويتحاكمون إلى الطَّواغيت كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا(60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَيْتَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا}[آل عمران 53]، وقال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)}، عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)}[آل عمران]، فالمسلمون هم المؤمنون بما أنزل الله المتبعون لشرع الله، فوَصْفُهُم في الآية هو: الإيمان والاتباع لما أنزل الله، ولا يكونوا مسلمين إلا بالقول والعمل جميعاً، والعمل هنا هو الاتباع والانقياد، كما قال تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)}[آل عمران 110]، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِهِ: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)} روي عن أبي العالية قَالَ:{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} قال: بِالتَّوْحِيدِ، قَالَ:{وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}عَنِ الشِّرْكِ»، وعن مجاهد في قوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}:« كنتم خير الناس للناس على هذا الشرط : أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله، يقول: لمن بين ظَهريه، كقوله: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)} [سورة الدخان: 32]»، وعن أبي العالية قال:« كل ما ذكره الله في القرآن من “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، فـ “الأمر بالمعروف”، دعاء من الشرك إلى الإسلام و”النهي عن المنكر”، النهي عن عبادة الأوثان والشياطين»، وفي هذا النصّ وصفُ المسلمين كأمة ــ التي هي خير أمة ــ وشرطها في الأمر بالتوحيد والنهي الشرك ويدخل فيه الشرك بالله في العبادة والشرك في الحكم والطاعة، فالأمة المسلمة هي التي تقيم الحاكمية لله في أرضه وبذلك تكون العبادة والطاعة لله وحده، وبها يقوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويكون الدين كله لله.
وبمجموع هذه الأدلة نصل إلى ضبط صفة المسلمين: وهم الذين لا يعبدون إلا الله ولا يشركون به شيئا ولا يتخذون الأرباب في الحكم والتشريع، ويتَّبعون رُسل الله وما أنزل الله وشِرعَة الله، ويأمرون بالمعروف وعلى رأسه التوحيد، وينهون عن المنكر وعلى رأسه الشرك والكفر، ويؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره كما أمر الله، هذه هي صفة المسلمين في كتاب الله، والأقوام اليوم لم يحققوا هذه الأوصاف، فهل لهم اسم الإسلام وهل يكونوا بذلك مسلمين؟! {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154)}[القلم:36].
وختاما أقول مخاطبا هذه الجاهليةَ النكراء جميع الأفراد والأقوام والأنام: ندعوكم إلى صحيح الإسلام، ونبرأ إلى الله عزَّ وجلَّ منكم ومما تعبدون من دون الله، كَفَّرْنَاكُم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده خاضعين له بالطاعة والعبادة، منقادين له بالحكم والاتِّباع، ونقول لكم كما قال أبونا إبراهيم لسلفكم: {كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}، وكما قالت الأنبياء قاطبة لأقوامهم {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } .

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى