السلاسل العلميةسلسلة ماذا بعد الإسلام ؟

ماذا بعد الإسلام ٢ ؟

ماذا بعد الإسلام ٢ ؟

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى أما بعد:


فإن الشأن كل الشأن في الثبات على هذا الدين العظيم حتى الممات … كما قال شعيب بن حرب لرجل: إن دخلت القبر ومعك الإسلام فأبشر» … ولأجل ذلك لابد أن تعيش لهذا الدين … فالإسلام منهج متكامل للحياة، ولن يكون المرء مسلما حتى يتجرد من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد.

إن الإسلام خضوع لله وحده وانقياد لشرعه ودينه، والكفر بكل الشرائع والمناهج الوضعية والديانات والأرباب الأرضية … الإسلام براءة من الشرك وأهله ولو كان العالم كله … الإسلام خروج من الجاهلية وانسلاخ منها وعلو عليها ومجانبة عبادة الطواغيت والكفر بها … الإسلام يرسم لك طريقا غيرَ الطرق المرسومة … إنه طريق غيرُ مسلوكٍ في هذا الزمان إلا من القلة القليلة … طريق لا مذلل أو موطىء ولا مفروش، إنه طريق وعر السلوك يحتاج على صبر وهجر وقوة تحمل وجذب ويقين … طريق طويل تنتابه النكبات وتتخلله السقطات وفيه الامتحان والبلاء، ليعلم الله الصادق من الكاذب في دعواه … إن الإسلام يريد منك أن تعيش له بكليتك وكل جزية في حياتك تسير بما يرتضيه ويرسمه لك … إن الإسلام هو القائد وخلفه الأهواء والعادات والعلائق كلها إليه تنقاد … إن الإسلام هو الحبل المتين الذي يجب عليك الاستمساك به وتقطع كل حبائل الأوهام، فهو الحبل الممدود من السماء للنجاة من براثن الجاهلية التي نصبها الطواغيت في هذه الأرض في هذا الزمان … إن الإسلام العتيقَ غير موجود في هذه الديار … إن المعروض هو بضاعة أمريكية مغشوشة بتسويق كهنوتي وتنميق الرهبان والعلماء من بني جلدتنا إنه نسخة من الإسلام المعتدل” الذي رضيه الغرب لهم دينا فاجتهدوا في ترسيخه في هذه الأمة المغشوشة عبر المدارس، والمنابر، والإعلام، والجوامع … إن الدين المعروض على القطيع يرسخ حكم الطواغيت ويجعلهم أربابا من دون الله ويعبد الخلق لهم في الطاعة والانقياد … فإسلامهم محصورا في شعائر وأذكار لا يخرج من تحت صوامع المساجد … أما في البيوت والأسواق والشوارع والزقاق وعموم الديار، فالحكم فيها والشرع فيها والاتباع فيها لغير الله تعالى الواحد القهار.


قال عبد اللطيف آل الشيخ:” وأما حقيقة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الهدى والنور، فعزيز والله من يعرفها أو يدريها؛ والعارف لها من الناس اليوم، كالشعرة البيضاء في الجلد الأسود، وكالكبريت الأحمر. أين العنقاء لتطلب؟ وأين السمندل ليجلب؟ لم يبق إلا رسوم قد درست، وأعلام قد عفت وسفت عليها عواصف الهوى، وطمستها محبة الدنيا، والحظوظ النفسانية. فمن فتح الله عين بصيرته، ورزقه معرفة للحق وتميزاً له، فلينج بنفسه، وليشح بدينه، ويتباعد عمن نكب عن الصراط المستقيم، وآثر عليه موالاة أهل الجحيم، نسأل الله السلامة والعافية”.
ماذا بعد الإسلام؟ … إن على عاتق كل مسلم أمانة عظيمة قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، وَمن الْأَمَانَة أَن يكون الْبَاطِن مُوَافقا للظَّاهِر، فَكل من عمل عملا يُخَالف عقيدته فقد خَان الله وَرَسُوله، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم} … إن المسلم لا يستطيع أن يعيش في مثل هذا الواقع بدون حركة وبذل وعطاء لهذا الدين، وهو يرى أصحاب الدعوات الباطلة على اختلاف مشاربها النتنة يبذلون لدعواهم المتهافتة كل غالي ونفيس ولا ينحنون لخصومهم، ولا يرجعون عن مبادئ باطلة … بل في يُكْملون المسير إلى أخر الأنفاس، قال عمرو بن عثمان المكي:” لقد وبَّخ الله التاركين للصبر عن دينهم بما أخبرنا عن الكفار {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَاد} [ص6]، فهذا توبيخ لمن ترك الصبر على دينه” … إنه لا مُدرَّجات للمتفرجين، فالتيَّار المعاكس جارف بسيله النجس العرم من لا يُدافع ويُناجز بقوة تقاوم حركة التيَّار، فلا مناص من بذل الجهد لضمان البقاء وإلا الانزلاق الذي يعقبه الانصهار في هذه المجتمعات … إنه الخسران المبين، والتيه الطويل الذي قد لا يُرجى معه العودة إلى جادة والصواب … إنه الضلال البعيد.
روى الإمام أحمد في الزهد عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ قَالَ: سَمِعَ عُمَرُ رَجُلًا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الْأَقَلِّينَ» فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ وَمَا الْأَقَلُّونَ» قَالَ: ” سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: 40] ، {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] ” وَذَكَرَ آيَاتٍ أُخَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: «كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ».
إن كل طائفة مستضعفة أو ما يسمى بالأقلية الدينية في مشارق الأرض ومغاربها، تجدهم بمنزلة النفس الواحدة في الموالاة والتكافل والتضامن والتآخي قال تعالى: { والَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } [ 73: الأنفال]، وفي المقابل فإن أهل ملة الحق بمنزلة النفس الواحدة في التواد والتراحم والملاطفة والتعاضد قال تعالى:{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } وكَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ”، وَفِي رِوَايَةٍ أَيْضًا: الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ، اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ»، وَفِي ” الصَّحِيحَيْنِ ” عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ».
وفيه معنى الاتحاد الذي يجب أن يكون بين جميع أفراد السلمين، فقد ذكره النبي على أكمل وجه في التصوير وأبلغه في التأثير، فقد شبههم بالبنيان، وذلك وحده كاف في إفادة الاتحاد، وزاد عليه التصريح بالشد والتقوية ليبين أن في ذلك الاتحاد القوة للجميع تأكيدا للزوم الاتحاد بذكر فائدته، ثم زاد عليه التصوير بالمحسوس، لما شبك -صلى الله عليه وآله وسلم- بين أصابعه، هذا كله ليبين للمؤمنين لزوم الجماعة وضرورته.
وَفِي ” مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ” عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ».
وَفِي “سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ” عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَنْهُ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ».
وَفِي ” الصَّحِيحَيْنِ ” عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ، وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، زَادَ أَحْمَدُ: وَأَنْكَحَ لِلَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ»، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحِبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغِضْ فِي اللَّهِ، وَوَالِ فِي اللَّهِ، وَعَادِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّمَا تُنَالُ وِلَايَةُ اللَّهِ بِذَلِكَ، وَلَنْ يَجِدَ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ – وَإِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَصَوْمُهُ – حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَارَتْ عَامَّةُ مُؤَاخَاةِ النَّاسِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ لَا يُجْدِي عَلَى أَهْلِهِ شَيْئًا”.
هذه الأحاديث تدل على طبيعة العلاقة بين أفراد المسلمين … إن هذه المعاني مفتقدة في هذا الزمان، ولن تقوم للمسلمين قائمة حتى يكونوا على هذا التوصيف النبوي من التآخي والتكامل والولاء في الدين.
إن من أعظم الوسائل إعانة على الثبات على الحق بعد الخروج من الجاهلية ومفاصلتها هي الجماعة المسلمة … إن الخروج من الجاهلية لا يكون إلى فراغ … فقد كان الرجل في العهد الأول يخرج من الجاهلية إلى الجماعة المسلمة التي يجد فيها تلك المعاني وتقوم على الرابطة الدنية ويتحقق فيها الاتباع للنبي [ في جميع شؤون الحياة … وقد نبه النبي [ على هذا الأصل العظيم فقال : «أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ»، وقال:«فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنَالَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ»، وروي عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: “تَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ الْأَرْضَ الْأَرْضَ، إِنَّهُ لَا إِسْلَامَ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ، وَلَا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَارَةٍ وَلَا إِمَارَةَ إِلَّا بِطَاعَةٍ، أَلَا فَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى فِقْهٍ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ وَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى غَيْرِ فِقْهٍ كَانَ ذَلِكَ هَلَاكًا لَهُ وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ”، وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهَا حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَإِنَّ مَا يَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا يُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ” .


لذلك وجب على المسلمين العمل على إنشاء أمة وبناء جماعة يتحقق فيها العبودية لله، والحاكمية له وحده دونما سواه، فإن العبودية لله إنما تقوم في صورة الجماعة في أكثر صورها و أفرادها ففي الصلاة قال تعالى:﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[البقرة 43]، وفي الزكاة قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ [التوبة 103]، في الصيام عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ»، وبعث النبي ﷺ لما رجع من غزوة تبوك أبا بكر أميراً على الحج تلك السنة ليقيم للناس مناسكهم، و في الجهاد قال تعالى:﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة 120]، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران104]، وفي أداء الأمانات والحكم بين الناس بالعدل قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء58]، ويلحق بذلك جميع النصوص التي تصرَّف فيها النبي ﷺ باعتبار ولاية القضاء، كما ورد عن عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ – ثَلَاثًا – وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنْ اشْتَجَرُوا، فَإِنَّ السُّلْطَانَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»، وغيرها من النصوص التي تُنظم حياة الناس وسوقهم ومعاشهم وتحفظ الأسر والمجتمعات من الانفكاك، والانحلال، وتدعوا إلى محاسن الأخلاق ومكارم الآداب.
ولا ينفك المسلمون إذا اجتمعوا في مكان ما من إقامة سلطان الله المتمثل في حاكميته على أنفسهم في جميع الظروف والأحوال، ولو كانوا تحت وطئت المشركين وبين ظهراني الكافرين، لذلك وجب عليهم في هذه الصورة الاجتماع، وهي ذات الصورة التي كان فيها المسلمون في واقع مكة قبل الهجرة وكانت الجماعة قائمة مع أن السلطان في مكة كان للكافرين، لذلك من الغلط أن يُتصوَّر أن مفهوم الجماعة متعلق بصورة التمكين فقط، بل يكون في كل الصور التي منها الاستخفاء والاستضعاف، بل وردت في صورة الثلاثة في السفر حسما لمادة الخلاف والنزاع، وتحقيقا لصورة العبودية التي تكون بعد قيام الحاكمية على أفراد الجماعة، حيث تكون الطاعة فيها هي طاعة لله ورسوله، كما ورد في حديث ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ».


ومن الواجبات على المسلم هو الدعوة لهذا الدين وحمل هم الدعوة والبلاغ، والسعي في ذلك قد المستطاع فعن جابر بن عبد الله قال: «مكث رسول الله ﷺ في مكة عشر سنين يتَّبع الناس في منازلهم عكاظ والمجنة، وفي المواسم يقول من يأويني من ينصرني حتى أُبلِّغ رسالة ربي وله الجنة”، وهذا الأثر يرسم منهج النبي ﷺ في دعوة الناس إلى الإسلام والبحث عن الحاضنة المسلمة التي يُؤوي إليها المسلمين المضطهدين.
نسال الله تعالى أن يمكِّن للمسلمين، المستضعفين في أرضه، ويفتح عليهم قلوبا تنصر الدين إنه ولي ذلك والقادر عليه.

  • وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين🖋️.

سراج الطريق

نحن نزاعٌ من القبائل حققوا البراءة من هذه الجاهلية النكراء … نحن الغرباء الذين تقلدوا لواء الإصلاح … بقايا الحنفاء من يُصلحون إذا فسد الناس … نحن القلة المستضعفة … القلة التي تفر بدينها … القلة السالكة المستوحشة … الحاملون لجراح أمتهم … سراج الظلم في تيه الجاهلية … الأمل في عود الضياء … عِصابة المسلمين وعصارة الموحدين في زمن أقفر ما بين لبنتيها من المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى